جهة أخرى كما أدت إلى قيام الصلات بين جدة والموانئ الجنوبية. ويظهر أن حركة الملاحة في النصف الجنوبي من البحر الأحمر كانت في جميع الأوقات أنشط منها في الجزء الشمالي منه وذلك، بسبب الحضارة القديمة للأقاليم التي على شواطئه وكذلك بسبب اعتدال الرياح في لك النصف الجنوبي، وربطت الصلات القديمة بصفة خاصة ما بين اليمن والحبشة. وكان باب المندب والمناطق بالقرب منه بمثابة معبر مشهور أمام الشعوب المختلفة.
وقد درس كلونزنكر klunzinger في كتابه Oberaegypten شعوب البحر الأحمر وحركة هذا البحر وسير السفن فيه ونشاط ثغوره وفي لغة الأهالى الذين يسكنون شواطئ هذا البحر عدد من الألفاظ المستعملة بين أهل الشاطئ الشرقي لإفريقية والتي تشبه اللغة المستعملة بين أهل المحيط الهندى وقد حاولوا بمختلف أنواع السحر لتجنب الأهوال التي تكتنف السفر في ذلك البحر، تلك الأهوال التي كثيرا ما وصفها الرحالة العرب. ونجد بعضها مذكورا في - Archiv Fuer Religions wissenschaj (جـ ١١, عام ١٩٠٨, ص ١٥٧ وما بعدها).
والأماكن التي على بحر القلزم والتي سنذكرها فيما بعد تصطبغ بالصبغة الأسطورية. وهم يقولون إن جبل المغناطيس جنوبي القلزم يجذب الحديد، ولذلك فإن السفن التي تبنى في تلك الجهة لا يدخل الحديد في بنائها، وإن جزيرة الجساسة أو الجاسة عبارة عن حيوان يتلقط الأخبار بقصد إبلاغها إلى الدجال. ويتحدثون أيضًا عن الأسماك التي يبلغ طول الواحدة منها أكثر من مائتى ذراع والأسماك التي تشبه رءوسها رأس البومة وغير ذلك من الحيوانات البحرية العجيبة. وأساس هذه الروايات كلها