الباجي في الإشارات، طبعة تونس سنة ١٣٥١ هـ, ص ١٢٣, ١٣٠ - ١٣١, وينادى بحث Lapanne-Joinville في - tra vaux Semaine Internat. Droit Mustman، باريس سنة ١٩٥٢، ص ٨٥ بتصويبات معينة) يرون أن الأحكام الشرعية تقوم على الإطلاق وبلا استثناء على الشريعة المنزلة. وقبل نزول هذه الشريعة وفي خارج نطاقها لا يكون لأفعال الإنسان "حكم". وهذا الضرب من العزوف من حيث المبدأ عن الحكم، وهو عزوف يجب ألا يلتبس بالإباحة، ينكر فكرة قيام أي التزام.
أما بالمعنى الثاني الذي لم يحاول المؤلفون مع ذلك أن يفرقوا بينه وبين المعنى الأول (والخلط واضح في كتب الشافعية والحنفية المسماة "الأشباه والنظائر": انظر السيوطي، طبعة القاهرة سنة ١٢٩٨ هـ, ص ٢٩) فإن "البراءة الأصلية" سواء اقترنت بمبدأ "استصحاب حال" أو لم تقترن فإنها تدعم من حيث النظر حلولا لا حصر لها (سواء كانت قواعد فقهيه حاسمة أو فروضا فقهية فحسب)، وذلك في ميدان الفقه كله (Lapanne-Joinville: بحثه المذكور، ص ٨٢ - ٨٨, Brunchvig في Levi Della Studi Vide جـ ١، ص ٧٥).
على أن كلمة "براءة" قد استعملت استعمالا متزايدا بمعنى حسى للدلالة على وثائق مكتوبة مختلفة الأنواع (والجمع "براءات" أو "براوات") بحكم تطور في المعنى يبدأ بفكرة "الأداء" وإن شئت الدقة فهي بلا شك " الأداء المالى والإدارى"(الخوارزمى: مفاتيح العلوم (١)، طبعة القاهرة سنة. ١٩٣٠, ص ٣٧ Islamic Taxation: Lokkegaard، كوبنهاغن سنة ١٩٥٠، ص ٥٩ , iran in fruethislam. Zeit.: Spuler فيسبادن سنة ١٩٥٢، ص ٣٣٨ - ٤٥٨).
ويرد المعنى الأول في نصوص المعاملات التي تتعلق بالمكوس الجمركية، وفي المعاهدات التي كانت تبرم مع الدول المسيحية منذ القرون الوسطى، وخاصة ما كان يبرمه منها الحفصيون (بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين) وكان اللفظ يرد فيها بالنسخ اللاتينية أو الرومانية
(١) الذي جاء في نص كتاب الخوارزمى: مفاتيح العلوم: "البراءة حجة يبذلها الجهبذ أو الخازن للمؤدى بما يؤديه إليه.