الصحيحة فلا وجود لها حيث يخيل أن هناك من الأسباب ما يدعو إلى توافرها. من ذلك أنك لا تجد لها أثرا في كتاب المسعودي ولا في كتاب الشهرستانى على الرغم من تخصص الشهرستانى في علم الفرق والطوائف والمذاهب الدينية ومن إلمامه بشيء ولو يسير عن البوذية، كما لا تجدها في الأساطير التي أخرجتها لنا الهند مثل كتاب كليلة ودمنة، ولا في أحاديث الأسفار والرحلات المسطورة عن الهند بخاصة كالرحلة الموسومة "بعجائب الهند" وكتاب "سلسلة التواريخ". وينبغي أن نلاحظ هنا أن جزيرة سيلان هي البقعة الوحيدة من بلاد الهند التي كانت معرفة العرب بأحوالها أقل منها بأحوال البقاع الأخرى.
ولقد أورد المسعودي اسمى اثنين من مؤلفى العرب صنفا في موضوع الفرق الهندية، وهما أبو القاسم البلخى والحسن بن موسى النوبختى، وقال هذا المؤرخ إن البراهمة من نسل برهمان وهو ملك مترهب وعالم، عقد مجمعا من الحكماء وسن بمعونتهم قواعد الدين، ووضع نظرية الأدوار الفلكية واخترع أرقام العدد وحسب مقدار حركة المبادرة السنوية للاعتدالين. وفي قول برهمان هذا أن عمر العالم ١٢٠٠٠ دور مقدار كل دور ٣٦٠٠٠ سنة، وأنه -أي العالم- ينمو ويتسع في الأدوار الأولى ثم يضمر ويتضاءل وتبطؤ حركته في الأدوار الأخيرة. ومن قوله في موضع آخر إن دورة العالم تقدر بسبعين ألف سنة وتسمى "هزروان".
وفي كتاب كليلة ودمنة لا يبدو بيدبا البرهمى إلا في ثوب الرجل الحكيم صاحب الرأى السديد والنظر الثاقب البعيد. ويقول مؤلف الكتاب عن بيدبا إنه كان فاضلا حكيما يعرف بفضله ويرجع في الأمور إلى قوله. ويقول مؤلف كتاب الأسفار والرحلات إنه كان بين الهنود رجال وقفوا حياتهم على الدين وعلماء يسمون بالبراهمة وكان من بينهم شعراء يعيشون في قصور الملوك وعلماء في الفلك وفلاسفة ومنجمون، ويضع الشهرستانى علماء النجوم والعرافين في مصاف البراهمة.
أما كتب الأسفار فاهتمامها بالزهاد أكثر منه بالبراهمة، فقد وصفت طرائف حياتهم وصفا حسنا وقالت عنهم إنهم يتخذون من الجماجم البشرية زقاقا لهم وتسمى عندهم باسم بيكرجى أو بيكور تصحيف كلمة بهكشو (انظر كتاب عجائب الهند، Merveilled de l' Inde طبعة فإن درليث Van der Lith, الفهرس). ويطلق سعدى الشاعر الفارسي وغيره اسم البراهمة على عبدة النار (انظر: بستان، طبعة باربيه ده مينار Barbier de Meynard, ص ٣٣١).