للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا خلاف بين أحد من أهل النقل وأهل العلم في أن جميع المصاحف الأمهات، التي كتبها عثمان ابن عفان، وأقرها الصحابة جميعًا دون ما عداها -: كتبت فيها البسملة في أول كل سورة، سوى براءة، وأن الصحابة -رضوان الله عليهم- إذ جمعوا القرآن في المصاحف جردوه من كل شيء غيره، فلم يأذنوا بكتابة أسماء السور ولا أعداد الآى، ولا (آمين)، ومنعوا أن يجرؤ أحد على كتابة ما ليس من كتاب الله في المصاحف، حرصا منهم على حفظ كتاب الله، وخشية أن يشبه على أحد ممن بعدهم فيظن غير القرآن قرآنا، فهل يعقل مع هذا كله أن يكتبوا مائة وثلاث عشرة بسملة زيادة على ما أنزل على رسول الله؟ ! ألا يدل هذا دلالة قاطعة منقولة بالتواتر العملى المؤيد بالكتابة المتواترة على أنها آية من القرآن في كل موضع كتبت فيه؟ !

والقاعدة الصحيحة عند أئمة القراء أن القراءة الصحيحة المقبولة هي: ما صح سنده ووافق رسم المصحف ولو احتمالا وكان له وجه من العربية؛ وأنه إذا فقد شرط من هذه الشروط في رواية-: كانت قراءة شاذة أو ضعيفة أو مردودة. وقد ذهب بعض القراء إلى أن التواتر شرط لصحة القراءة. والحق أنه شرط في إثبات القرآن، وأما القراءة فيكفى فيها صحة السند مع ما سبق. وهذا الذي اعتمده إمام القراء ابن الجزرى وغيره.

ولكن لم يخالف واحد منهم في اشتراط موافقة رسم المصاحف، وفي أن القراءة التي تخالفه قراءة غير صحيحة ولو صح سندها.

فإذا سلكنا جادة الإنصاف في تطبيق القواعد الصحيحة على الأقوال والقراءات السابقة، وتنكبنا طريق الهوى والعصبية-: علمنا علمًا يقينا ليس بالظن، أن القول الذي زعموا نسبته إلى مالك ومن معه، في أنها ليست آية أصلا -: قول لا يوافق قاعدة أصولية ثابتة، ولا قراءة صحيحة، وأن قراءة من قرأ بإسقاطها في الوصل بين السور قراءة غير صحيحة أيضًا، لأنها فقدت أهم شرط من شروط صحة القراءة، أو هو الشرط الأساسي في صحتها، وهو موافقة رسم المصحف،