للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها: ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم. هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الإِمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الدانى، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو العباس أحمد بن عمار طالب، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوى، وحققه الإِمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبى شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه؛ قال أبو شامة رحمه الله في كتابه المرشد الوجيز: فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة، ويطلق عليها لفظ الصحة، وأن هكذا أنزلت-: إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا عمن تنسب إليه، فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى "المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم، تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم".

ولم يكن الأئمة السابقون من العلماء يحجمون عن نقد بعض قراءة القراء السبعة وغيرهم، بل كثيرًا ما حكموا على بعض حروفهم في القراءة بأنها خطأ، وقد يكون الناقد هو المخطئ، ولكنه ينقد عن علم وحجة، فلا عليه إن أخطأ، ولو كانت حروف القراء كلها متواترة تفصيلا كما يظن كثير من العلماء وغيرهم-: لكان الناقد لحرف منها خارجًا عن حد الإِسلام، ولم يقل بهذا أحد، والعياذ بالله من أن نرمى أمثالهم بهذا.

فمن أمثلة ذلك أن إمام المفسرين وحجة القراء أبا جعفر محمَّد بن جرير الطبري رد قراءة حفص عن عاصم من السبعة ويعقوب من العشرة في قوله تعالى في سورة الحج (آية ٢٥): (سَواءً العاكف فيه والبادِ) بنصب "سواءً" فقال في تفسيره (١٠٣: ١٧): "وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأه