للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه أن عضد الدولة أعاد بناء قصر الخلد الذي كان للمنصور وجعل منه بيمارستان، وأثارت ميول بنى بويه الشيعية في كثير من الأحيان عدة فتن.

وبينما كان أهل الكرخ في الجانب الغربي على ما عرف عنهم من نشاط يميلون إلى التشيع. كانت الأحياء الأخرى يسكنها أناس معظمهم من أهل السنة، ولهذا لم يستطع البويهيون قط أن يعيدوا المدينة إلى ما كانت عليه في أزهى أيامها، ولو أن السبب الأساسي الذي من أجله فشلت جهودهم هو انقسام البيت البويهى نفسه بعد وفاة عضد الدولة عام ٣٧٢ هـ (٩٨٣ م) واقتتال أفراده, وانغمست بغداد في هذا النضال أكثر من مرة، وسادتها الفوضى في كثير من الأحيان، وكانت المعارك الدموية بين أهل السنة والشيعة وبين الترك والديلم، هي الصفة الغالبة على هذا العهد، وانتهز العامة فرصة هذه القلاقل فأعملوا السلب والنهب بما تشتهيه نفوسهم، واستمرت الأحوال على هذا المنوال إلى أن وزر ابن المُسْلمة للخليفة القائم بأمر الله، فطلب العوَن من طغرل بك السلجوقى، ودخل هذا بغداد عام ٤٤٧ هـ (١٠٥٥ م). وبعد مضى بضع سنوات، أي في عام ٤٥٠ هـ (١٠٥٩ م) شبت فتنة البساسيرى الذي أمر بأن تكون الخطبة باسم الخليفة الفاطمى، وعلى ذلك اضطر العباسيون إلى هجر المدينة، ولكن هذا الأمر لم يدم طويلًا، فما إن رجع طغرل بك بعد ذلك بعام حتى أجبر البساسيرى على مغادرة المدينة، استعاد الخليفة القائم سلطانه عليها. فأضحت الخلافة منذ ذلك الوقت في حماية آل سلجوق الأقوياء، ولم يكن أمراء هذا البيت يقطنون بغداد وقتذاك، بل إن ألب أرسلان لم يزر تلك الحاضرة قط، ولكنهم أقاموا من قبلهم حاكما عسكريًّا نيط به العملَ على استتباب الأمن في المدينة، وكان ملكشاه أول من زارها منهم. ولم يقتصر في ذلك على زيارة واحدة، بل زارها مرات، وعقد عزمه في سنيه الأخيرة على أن يجعل منها مشتى له، ولهذا الغرض أصلح قصر بنى بويه الذي أقام فيه، ووسَّعه ووضع أساس المسجد الجامع المعروف بجامع السلطان، وعاجلته منيته في سن