وما غبر من عزها، وهي تمتد اليوم من الأعظمية إلى الكرادة الشرقية بمسافة خمسة عشر ميلا تزينها القصور الشاهقة والبنايات الفخمة، وتتخللها البساتين الكثيرة والحدائق النضرة، ويخترقها دجلة كما كان في السابق فيشطرها شطرين يسمى الأيمن منها بالرصافة ويدعى الثاني بالكرخ، وقد أقيمت عليه عدة أجسر بعضها حديدى والبعض الآخر مقام على قوارب من حديد، وتخترقها من الشمال إلى الجنوب جادتان فسيحتان مبلطتان تقوم على جوانبهما عدة دور ومخازن وتقطعهما جادات فرعية مبلطة ومنارة بالكهربية. وتعد نفوسها حسب إحصاء عام ١٩٣٧ (٣٦٧٤٥٠) نسمة عدا الأجانب. وكانت المنازل في بغداد تبنى مفتوحة بالآجر الأصفر على الطريقة الشرقية، أما الآن فإنها تبنى مغلقة على الطراز الأوربى الحديث. ويستعمل البغداديون الآن الحديد والأسمنت وسائر المواد الأوربية المتينة في معظم منشآتهم.
ودور العلم في بغداد على اختلاف درجاتها كثيرة، وكذا المطابع والمكتبات العامة والخاصة، ويصدر فيها من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية والنشرات الثقافية عدد لا يستهان به، وتمتد منها خطوط حديدية إلى بعض الأنحاء تبلغ مسافتها نحو ألف ميل وتنزل في مطارها الكبير جل الطائرات المارة على طريق بغداد إلى إيران والهند وأوربا، وتسير في جاداتها وشوارعها ما لا يقل عن الثلاثة آلاف سيارة ومركبة.
وتجارة المدينة واسعهَ جدًّا وأسواقها حافلة بأنواع البضائع الأجنبية والشرقية وفيها عدة شركات ومصارف أجنبية ومصانعها المختلفة والكثيرة تمون الجيش والشرطة وطلاب المدارس بأنفس المنتوجات المحلية وكذا التبغ والسكاير وبعض الحاجيات الطفيفة.
وفيها دور للآثار القديمة لا بأس بها: ومن الآثار العباسية التي لا تزال ماثلة للعيان، منارة جامع الخلفاء المعروفة اليوم بمنارة سوق الغزل وبعض غرف من قصر المأمون في القلعة المدفعية وجدر من المدرسة