للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من السور الكبير إلى السور الداخلى، وفيها أقيمت حوانيت، ومن ثم قامت أربعة أسواق (انظر الطبري، جـ ٣، (ص ٣٢٢). يضاف إلى هذا أن الخليفة أمر بأن يكون لكل منطقة من المناطق الأربع خارج السور رحبة تسمح بإقامة الأسواق فيها بحيث يكون في كل منطقة سوق كبيرة (اليعقوبى: البلدان، ص ٢٤٢). ودفعت اعتبارات الأمن المنصور إلى أن يأمر بإزالة الأسواق من المدينة المدورة عام ١٥٧ هـ (٧٧٣ م) ونقلها إلى الكرخ، فقد أراد أن يبعد العامة من المشاغبين عن المدينة وأن يتأكد من أن أبواب الأحياء لا تترك مفتوحة خدمة للأسواق بالليل، كما أمر باتخاذ الحيطة حيال آية جواسيس يمكن أن يتسربوا إلى المدينة. ورسم خطة لبناء الأسواق بين قناة الصراة وقناة عيسى (الطبري جـ ٣، ص ٣٢٤ - ٣٢٥، ابن الجوزي، المناقب، ص ١٣ - ١٤، ياقوت، جـ ٤، ص ٢٥٤).

وكان لكل حرفة أو تجارة سوقها المنفصلة أو دربها، وكانت بين أسواق الكرخ سوق للفاكهة وسوق للقماش، وسوق للطعام، وسوق للصيارفة، وسوق للوراقين، وسوق للأغنام (اليعقوبى: البلدان، ص ٢٤١، ٢٤٥، ٢٤٦، ٢٥٣، الإصطخري، ص ٢٤١، ابن حوقل، ص ٢٤٢، الخطيب، ص ٢٢، ٣١، ٦٧، ابن الجوزي: المناقب، ص ٢٦ - ٢٨). ومع نمو المدينة نسمع عن تجار أتوا من خراسان وما وراء النهر ومرو وبلْخ وبُخارى وخوارزم، وكانت أسواقهم في حي الحربية، ولكل جماعة من هؤلاء التجار نقيب وشيخ (اليعقوبى: البلدان، ص ٢٤٦ - ٢٤٨)، ويبدو أنه كان لكل حرفة شيخ تختاره الدولة (انظر الدورى: تاريخ العراق الاقتصادى، ص ٨١).

وثمة رواية تذهب إلى أن المنصور أراد أن يهدم جانبا من القصر الأبيض في طيسفون لاستخدام الآجر في مبانيه، ولكنه كف عن ذلك لأن النفقات لا تبرر القيام به. وهناك خبر آخر ينسب إلى المنصور أنه صاحب فكرة ترميم ذلك القصر، بيد أنه يقول إن الوقت لم يتسع أمامه لإنجازه، وكلتا الروايتين من آثار مناظرات الشعوبية، فقد شيدت المدينة خاصة بالآجر.