للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أورد الخطيب وصفًا تفصيليًّا مدهشًا لعام ٣٠٥ هـ (٩١٧ - ٩١٨ م). وكان السور المتين الذي يحيط بالقصور والممر السرى الذي يصل ديوان المقتدر بأحد الأبواب من الوسائل الدفاعية الضرورية (انظر الخطيب، ص ٥١). ومن عجائب بغداد "دار الشجرة"، وفيها شجرة من الفضة في بركة واسعة لها ١٨ فرعًا وأغصان متعددة، عليها طيور وعصافير من الفضة أو مموهة بالذهب، تغرد في أوقات. وعلى كل جانب من البركة ١٥ تمثالًا لفرسان يمتطون صهوات جيادهم ويتحركون في اتجاه واحد وكأنما يطارد بعضهم بعضًا (ص ٥٤). وهناك بركة أخرى من الزئبق مساحتها ٣٠ × ٢٠ ذراعًا تسبح فيها أربعة قوارب مموهة بالذهب وحولها بستان يفوق الوصف. وكان حير الوحوش يضم كل أنواع الحيوان، ففيه بيت الأسود ويضم مائة أسد. وهناك قصر الفردوس بأسلحته الشهيرة. وقد أحصيت القصور فكانت ثلاثة وثلاثين قصرًا داخل نطاق الأراضي الملكية (انظر الخطيب، ص ٥٣ - ٥٥؛ ابن الجوزي: المنتظم، جـ ٦، ص ١٤٤).

وبلغت بغداد أوج ازدهارها في ذلك العهد؛ فقد امتد الجانب الشرقي منها خمسة أميال (الميل الواحد = ١٨٤٨ مترًا) من الشماسية إلى دار الخلافة في القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادي؛ الاصطخرى، ص ٨٣). ويقول طيفور المتوفى عام ٨٩٣ م إن الموفق أمر بقياس أبعاد بغداد قبل عام ٢٧٩ هـ (٨٩٢ م)، فوجد أن مساحتها ٤٣.٧٥٠ جريبا منها ٢٦.٢٥٠ جريبا في شرقي بغداد و ١٧.٥٠٠ جريب في غربي بغداد (ابن الفقيه، ورقة رقم ٤٤ ب). انظر ابن حوقل، جـ ١، ص ٢٤٣). وتذهب رواية أخرى لطيفور أن مساحة شرقي بغداد في عهد الموفق كانت ١٦.٧٥٠, جريبا (الجريب الواحد = ١٣٦٦ مترًا مربعًا) وأن مساحة غربي بغداد كانت ٢٧.٠٠٠ جريب؛ وهذا التقدير هو الأرجح لأن غربي بغداد ظل حتى ذلك الوقت أهم من شرقيها. وفي رواية أخرى أن المساحة قدرها ٥٣.٧٥٠ جريبا منها ٢٦.٧٥٠ جريبا في الشرق و ٢٧.٠٠٠ جريب في