للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان لكل تجارة أو حرفة شيخ تعينه الدولة ولكل حرفة صانع وأستاذ (انظر إخوان الصفا، جـ ١، ص ٢٥٥؛ وانظر مقالات الجاحظ، طبعة السندوبى، ص ١٢٦). وكانت بغداد تصدر الأقمشة القطنية، والمنسوجات الحريرية، وبخاصة المناديل والميدعات والعمائم والبلورات المخروطة والفخار المزجج والزيوت المختلفة والأشربة والمعاجين (حدود العالم، ورقة ١١ أ؛ المقدسي، ص ١٢٨) كانت تصنع أيضًا قمصانا مختلفة الألوان، وعمائم من نسيج رقيق وفوطا مشهورة (الدمشقي: التجارة، ص ٢٦). وكانت قمصانها القطنية الرقيقة البيضاء لا نظير لها (ابن الفقيه، ص ٢٥٤)، وكانت منسوجات السَقْلَطون (قماش حريرى) والملْحَم والعتابى (من الحرير والقطن) هما اشتهرت به بغداد (حدود العالم، ص ٣٨؛ النويرى، جـ ١، ص ٣٦٩؛ أبو القاسم، ص ٣٥؛ المقدسي، ص ٣٢٣، ابن حوقل، ص ٢٦١). وكانت سيوف ممتازة تصنع في باب الطاق (عريب، ص ٥٠). واشتهرت بغداد أيضًا بمصنوعاتها الجلدية وبصناعة الورق (انظر ابن الفقيه، ص ٢٥١).

وكان تطور النظام المصرفى في بغداد -كما يتضح من الأعمال التي كان يقوم بها الصرافون والجهابذة- حافزا كبيرًا للتجارة والصناعة وكانت للصرافين أسواق خاصة، ولا سيما في الكرخ (انظر الجهشيارى، ص ٢٢٨)، وكانوا في مبدأ الأمر يقدمون خدماتهم للأهالى، على حين كان الجهابذة يعملون غالبا في خدمة الحكومة وموظفيها.

وأصبحت بغداد دولية من حيث سكانها، فقد كان أهلها أخلاطًا من شتى الأمم والألوان والنحل، ممن وفدوا إليها من أجل العمل والتجارة، ومن المجندين والأرقاء، أو ممن جاءوا لممارسة مهن أخرى. وجدير بالذكر أن عامة الناس بدأوا في القيام بدور هام في حياة بغداد (انظر ابن الأثير، جـ ٨، ص ٨٥ - ٨٦؛ مسكويه، جـ ١، ص ٧٤ - ٧٥؛ الإصفهاني: تأريخ، طبعة برلين، ص ١٣٠). أما عن ثورتهم على ارتفاع الأسعار عام ٣٠٧ هـ (٩١٩ م)