الطوائف؛ ونجح محمد في محاولته هذه، ولكن ابنه عبد العزيز عجز بعد وفاته عن أن يثبت لهجمات المعتضد أمير إشبيلية الذي كان يحاول بسط سلطانه على الأندلس بأسرها. واضطر عبد العزيز إلى تسليم إمارته، وحمل أمواله وفر هو وولده البكرى سرًّا من شلطيش، ثم غادرها إلى قرطبة، وكانت هذه المدينة مستقلة في ذلك الوقت يحكمها طبقة من الأعيان بزعامة أسرة بنى جَهْوَر، وقد فتحت ذراعها لجميع الأمراء الذين اضطروا إلى الفرار من جوار أمير إشبيلية القوى.
وأتم البكرى دراسته في قرطبة على أئمة علماء عصره. ولما توفى أبوه عام ٤٥٦ هـ (١٠٦٤ م) التحق بخدمة محمد ابن مَعْن أمير المَريّة الذي لقيه لقاء حسنًا وجعله بعد ذلك من صفوة خلصائه. وتابع البكرى دروسه في هذه المدينة وحضر على أعلامها ومن بينهم أبو مروان بن حَبّان. وفي عام ٤٧٨ هـ (١٠٨٥ - ١٠٨٦ م) صحب البكرى بصفته سفير أمير المرية المعتمد بن المعتضد أمير إشبيلية في ركوبه البحر إلى مراكش ليطلب عون يوسف بن تاشفين المرابطى على نصارى قشتالة.
ويلوح أن البكرى عاد إلى قرطبة بعد غزوة المرابطين مهما يكن من شيء فقد توفى بها في سن متأخرة في شوال من عام ٤٨٧ (أكتوبر- نوفمبر ١٠٩٤ م) ودفن بمقبرة أم سلمة وكانت للبكرى شهرة الرجل الذي لايرى بأسًا في أن يجمع بين حب بنت العنب وحب الشعر والأدب.
وحظى أشعار البكرى بالتقدير وإن كانت مؤلفاته في فقه اللغة والأدب هي التي حازت الإعجاب والثناء، وخلدت اسمه بين الناس.
وينسب له مصنفو العرب المؤلفات الآتية:
١ - كتاب في أعلام نبوة نبينا محمد.
٢ - شفاء عليل العربية.
٣ - الأمثال السائرات: وهو شرح على كتاب الأمثال للقاسم أبي عبيد بن سلام.
(٤) كتاب في اللآلى على كتاب الأمالى، وهو شرح على كتاب الأمالى لأبي على القالى (مخطوط وحيد في توبنكن Tuebingen).