ما يدعم القول بأن البلوخ من مهاجرى وقت متأخر كثيرًا عن هذا، ويظن هولدخ أن اسم كدروسيوى هو كدور الحالى، وهو اسم عشيرة في لس بيله، ولكن كدور عشيرة ضئيلة الشأن من أصل هندى كما نستدل من التعداد الذي عمل حديثًا، ولا يزيد عدد أفرادها عن ٢٠٠٠ نسمة، وليس في الإمكان أن نقول إنها عين جنس كالكدروسيوى، وجط المجرى الأسفل لنهر السند يشملون الجط الخلص والراجبوت، وهذا هو الحال أيضًا في لس بيله حيث تعيش سلالة الأجناس والسما السندهيين مع لنكاه ملتان، ولما ظهر العرب لأول مرة وجدوا أن مكران بأسرها في حوزة الجط أي الزط.
وذكر المسعودى أنهم كانوا يعيشون غربًا حتى كرمان، غير أنه قد أشير بصفة عامة إلى أنهم يقطنون مكران، وروى المسعودى والإصطخرى أن البلوخ كانوا يقطنون جبال كرمان وقد جمعا بينهم وبين الكوج (قفْص وبلوص أو كوج وبلوج) ولكن البلاذرى والطبرى لم يذكرا سوى الكوج. وعلى هذا فإنه من المحتمل أن يكون البلوخ الذين كانوا من غير شك في كرمان في الوقت الذي كتب فيه هؤلاء المؤرخون لم يصلوا إلى هناك في وقت متقدم كهذا (٢٣ هـ) أي في وقت غزوة العرب الأولى لهذه البلاد. ويلوح أن مواطنهم قبل ذلك كانت قرب شواطئ بحر الخزر؛ ونستدل من الفردوسى على أن قبيلة نوشيروان قد قاتلتهم، وهم يذكرون في هذه القصة مع أهل جيلان. ويقول موكلر في مقال له نشر بمجلة الجمعية الآسيوية بالبنغال (سنة ١٨٩٥ م , ص ٣٢) أن الفردوسى روى أن "نوشيروان أدبتهم في مكران" ويستدل من هذا القول أن البلوخ كانوا من غير بد في مكران قبل غزوة المسلمين بمائة سنة على الأقل، ولكنا نتبين من الرجوع إلى الفردوسى أنه لم يرد فيه أي ذكر لمكران. ونستدل من كل هذه الأساطير القديمة التي حفظها الفردوسى ومن غارات نوشيروان، وهي في جملتها من الحوادث التاريخية، على أن البلوخ كانوا إلى زمن الفتح العربي على اتصال وثيق بفارس الشمالية، وإن كانوا يعتبرون