الحجر المنحوت (الدستور)، مع الطوب أو الآجر، والأثلب (الدقشوم) والحجر المنحوت نحتًا خشنًا في المراحل المتوسطة. ويتوقف اختيار إحدى هذه المواد في بلد ما بطبيعة الحال، على توفر مواردها من هذه المادة أو على توافرها، كما أنه يتوقف أيضًا على التقاليد المحلية أو التقاليد التي جاء بها البناءون الدخلاء، والتي قد تحل مدة من الزمن محل التقاليد المحلية. فهم في سورية التي اشتهرت بصناعة قطع الأحجار منذ زمن طويل لا يزالون يصنعون من س الحجارة أشكالا معقدة من المقرنصات، استعاروها من الفرس، والراجح أنها مشتقة من هندسة البناء بالطوب. ونجد من الناحية الأخرى أن مصر، التي كانت محاجرها تنتج الحجر الرملى البديع، تستعمل الطوب أيام الطولونيين، الذين أخذوا نماذجهم، وكبار معمارييهم، بلا شك، من العراق حيث الطوب هو المادة الرئيسية، وأما سورية فقد استمسكت بتفضيلها للأشغال الرفيعة. ومن الأبراج المغربية الأندلسية الثلاثة العظيمة، في القرن السادس الهجرى (الثاني عشر الميلادي) التي نسبت، عن خطأ بلا شك، إلى مهندس معمارى واحد: الخيرالدا في إشبيلية، وقد بنيت بالطوب؛ وبرج حسان في الرباط وقد بنى بالحجر المنحوت؛ ومئذنة الكتبية في مراكش وقد بنيت بالأثلب (الدقشوم)، وتظهر قلة المبالاة بمواد البناء من جانب البنائين، وإهمال الصناع في تناولها، ظهورًا واضحًا في القصور أكثر منها في المبانى الدينية، ولا سيما في المغرب منذ القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادي). ولهذا أسباب عدة: العجلة في الإنشاء مرضاة لنزوة سيد يستعجل الزمن؛ واستخدام عمال من العبيد الأغمار لا قدرة لهم على شيء أكثر تعقيدًا من صب خرسانة بين ألواح الخشب. وأخيرًا شيوع استعمال التكسية (كساوى من ملاط ساذج أو منقوش، وصلصال مطعم مطلى بالميناء، وبلاط من الفخار) التي كانت تغطى هيكل الحوائط كلها. وقد تناول ابن خلدون في مقدمته بالتفصيل وصف أصول صناعة الطوابى التي إعتبرها سنة متميزة من سنن المسلمين. والطين الذي كان يخلط في أحيان كثيرة