سلان في المجلة الأسيوية، عام ١٨٤٢ م, ص ١٧٩) وأفاقت المدينة من كبوتها، وشاهد ذلك أنها كانت زمن البكرى محاطة بسور من الحجر. وكان بها جامع وعدة أسواق، كما كانت مركزًا هامًا لتجارة الأسماك. وكانت تشرف على المدينة قلعة يتخذها أهلها ملجأ يحتمون فيه من غارات الروم ورباطا لأولئك الذين يريدون تكريس حياتهم للعبادة. وكان بالمدينة في ذلك الوقت مرسى يعرف بمرسى القبة (البكرى، طبعة ده سلان ص ٤٧ وما بعدها؛ ترجمة ده سلان، ص ١٢٩. وروى الإدريسي أن بنزرت مدينة نشطت فيها الحركة التجارية. وقاست بنزرت كثيرًا من جراء الفتن والغارات التي خربت بلاد تونس. ووقعت بسبب الغزوة الهلالية في يد أفاقى عربي يدعى الورد اللخمى فاستقل بها. وخضعت لعبد المؤمن عام ١١٦٠, وغزاها يحيى بن غانية المرابطى فيما بين عامي ١٢٠٢ - ١٢٠٣. وظلت الأحوال راكدة في بنزرت إلى القرن السادس عشر على الرغم من وفود العرب من الأندلس وبنائهم ضاحية الأندلسيين فيها. ويصفها الحسن بن محمد الزياتى بقوله إنها بليدة أهلها فقراء مساكين (. Leo Africanus . Description de l'Afrique, جـ ٣, الباب الخامس طبعة شيفر، ص ١٢٩).
وفي القرن الخامس عشر كثر عدد القرصان في هذا الثغر؛ شأنه في ذلك شأن بقية ثغور الدول البربرية، وأخذ هذا العدد يزداد بعد ذلك إلى حد حمل الدول المسيحية على أن تتخذ من الخطوات ما هو كفيل بإيقاف غارات هؤلاء القرصان. فظهرت أمام بنزرت حملة فرنسية جنوية بقيادة كبير أساقفة سالرنو عام ١٥١٦, غير أنها لم تستطع الاستيلاء على المدينة. وأراد أهل بنزرت الانتقام، فما إن أصبح خير الدين سيد تونس عام ١٥٣٤ حتى نفضوا عنهم سلطان بنى حفص وخضعوا له. لكن شارل الخامس استولى علي بنزرت في العام التالي عقب استيلائه على مدينة تونس ووضع حامية بها. ثم عمد توًا إلى تخريب الحصون، فأعاد الأسبان بناءها بعد ذلك وشيدوا قلعة أخرى سموها