للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القومية الصربية الكرواتية. وعجزت للك السياسة عن أن تستميل إليها من بين الأهلين عددًا كافيا من المشايعين. فقد نما الوعى القومى عند الصرب والكروات، وكانت الأغلبية المسلمة، التي لم تتضح لها بعد جنسية، تنظر إلى تركية على أنها الوطن الأم. هذا إلى أن كثيرًا من الأسر البوسنوية قد استقرت في تركية واتخذتها موطنًا، وكان الزعماء المسلمون يلحون في إصرار على الحقوق السلطانية للسلطان العثمانى على مسلمي البوسنة والهرسك، ولم يتبن القضية البوسنوية غير فريق صغير من المستنيرين وأصحاب الأراضي المسلمين.

أما الحركة الصربية السياسية فقد جعلت همها الأكبر الوصول إلى الاستقلال الذاتى في أمور الكنيسة والحرية في إدارة مدارس الطائفة. ووجدت الفكرة أنصار، لها بين جموع كبيرة من السكان وجماعة المستنيرين الناشئة حديثًا، بيد أن الكازدا الصربيين (أصحاب الثروة) هم الذين اندفعوا إلى المقدمة وقادوا الحركة، وذلك لأن سخطهم كان عامًا بسبب تغلب المصالح المالية النمسوية المجرية ورأس المال التجارى على ما كانوا يمارسونه من الربا في أعمال التجارة. ونجحت الحركة في جهودها. ومنحوا استقلالا ذاتيًا في مسائل الدين والتعليم الدينى.

وأخذت الريب تزداد في نفوس المسلمين من جراء اعمال أتت بها السلطات النمسوية المجرية. فلكى تتمكن الحكومة من الإشراف على المعاهد الدينية ابتدعت سنة ١٨٢٢ م منصب "رئيس العلماء"، وهو الرئيس الدينى الأعلى لمسلمى البوسنة والهرسك. وكذلك "علما مجلس"، أعلى هيئة دينية ذات سيادة، يرأسها رئيس العلماء ومعه أربعة أعضاء. وبلغ الأمر بهذا النظام إلى التحكم في حقوق ديوان الأوقاف. وسخط المسلمون وارتاعوا وقدموا التماسًا للإمبراطور سنة ١٨٨٦ م يرجونه فيه أن يمنحهم الاستقلال الذاتى في إدارة الأوقاف، وفي سنة ١٨٩٩ م نشب صراع مرير بقيادة أ. ف دجابيج مفتى مستر، لتحقيق الاستقلال الذاتى، دينيًّا وتربويًا