الأمر" بمعناها غير الاصطلاحى، تدل على الوصول إلى اتفاق في ذلك الأمر وقد أطلق على الحركة البدنية لفظ بيعة لأن قوامها بالدقة حركة من اليد والذراع (الباع). ولما كان اختيار أمير (والتعهد بالخضوع لسلطانه) يعبر عنه بصفق اليدين فقد كان من الطبيعي أن يوصف باللفظ نفسه الدال على هذه الحركة.
وكان للبيعة هدفان رئيسيان، يختلفان في مجالهما وطبيعتهما، أولهما هو الانضواء تحت لواء عقيدة والاعتراف بالسلطة التي رسخت من قبل للشخص الذي يدعو إليها. وبهذا المعنى تمت البيعة في العلاقات بين محمد [صلى الله عليه وسلم] وبين أنصاره من المؤمنين الجدد (انظر القرآن الكريم، سورة الفتح، آية ١٠، آية ١٨؛ سورة الممتحنة: آية ١٢). واستعمل لفظ بيعة فحسب بالمعنى نفسه، وإن كان ذلك لغرض أكثر تحديدًا، للاعتراف بسلطان رسخ من قبل لشخص والتعهد بطاعته. وهذا هو الحال في البيعة التي كانت تتم لخليفة جديد، ثبت حقه في الخلافة بعهد صدر من سلفه.
والهدف الرئيسى للبيعة بمعناها الثاني هو اختيار شخص لمنصب القيادة، وبخاصة اختيار خليفة، عندما يقتضي الأمر وعدًا بالطاعة، وهكذا ولى الخلافة أبو بكر، أول الخلفاء الراشدين بمقتضى البيعة التي تمت على يد جماعة السقيفة في ١٣ ربيع الأول عام ١١ هـ (٨ يونيه عام ٦٣٢ م). وطبق الإجراء نفسه بلا خلاف في جميع المناسبات التالية التي خلا فيها منصب الخلافة، ولم يول خليفة بوسائل أخرى. والحق إن مذهب أهل السنة يرى أن البيعة إجراء من إجراءين لتولية الخليفة. أما مذهب الشيعة فيرى أن البيعة لم تستطع قط أن يكون لها هذا الشأن، لأن الشيعة لا يعترفون إلا بطريقة واحدة لتعيين الإمام، وهي التعيين بالنص (أو الوصية) لواحد من أهل البيت. ومع ذلك فإن الزيدية، وهم فرع من الشيعة، يرون أن الإمامة إنما تكتسب بالاختيار من بين أبناء الأسرة العلوية، وتمت البيعة منذ ذاك باعتبارها إجراء انتخابيا.
الصفة الشرعية: المبدأ في الشريعة أن البيعة اتفاق تعاقدى: في أحد