توفى رئيسًا لبيمارستان حالى سنة ٣٢٠ هـ (٩٣٢ م؛ انظر ابن القفطى، ص ٢٧٢) , والراجح أن بيمارستان الري كان قائما قبل هذا التاريخ بمدة. وقد زار المبرد مأوى للمجانين بدير حزقل بين واسط وبغداد في خلافة المتوكل أي بين سنتى ٢٣٢ و ٢٤٧ هـ (٨٤٧ - ٨٦١ م، المسعودى: مروج الذهب، جـ ٧، ص ١٩٧ وما بعدها).
وفي زمن سنان بن ثابت الذي توفى سنة ٣٣١ هـ (٩٤٢؛ انظر الفهرست، ص ٣٢) صدرت أوامر علي بن عيسى الآنف ذكره بأن يزور الأطباء السجون يوميًا، كما كان المساجين المرضى يزودون بالأدوية والأشربة، وكان يسمح للسيدات بالزيارة أيضًا، ومن الواضح أن زيارتهن كانت تتم بوصفهن ممرضات (ابن أبي أصيبعة، جـ ١، ص ٢٢١). وفي هذه المدة نفسها كان الأطباء الممارسون يرسلون للمرور بقرى السواد أي العراق الأسفل) كما كانت ترسل إليها "خزانة للأدوية والأشربة". ويظهر من المراسلات بين سنان والوزير بخصوص هذه الموحدة الطبية المتنقلة أن غير المسلمين كانوا يعالجون في البيمارستانات لذلك العهد (ابن أبي أصيبعة، الموضع المذكور).
وكان بعض بيمارستانات بغداد على الأقل- وهي التي ذكرناها آنفًا- لا يزال فيما يرجح قائمًا حين أقام عضد الدولة البويهى البيمارستان العضدى الكبير عند ثنية دجلة في غربي بغداد. وقد ذكر الرازي مرارًا فيما يتعلق بهذا البيمارستان الذي كان أشهر بيمارستانات بغداد منذ افتتاحه سنة ٣٧٢ هـ (٩٨٢ م) قبيل وفاة عضد الدولة (الذهبي: دول الإسلام، جـ ١، ص ١٦٧). ويقال إن الرازي اختار موقع هذا البيمارستان بأن عمد إلى تعليق قطعة من اللحم في كل قسم من المدينة، ثم اختار المكان الذي كانت قطعة اللحم فيه أقل تحللا من القطع الأخرى، كما يقال إن عضد الدولة اختار الرازي أول رئيس للبيمارستان (ويعرف باسم "ساعور" وهي مأخوذة من السريانية) من بين مائة طبيب (ابن أبي أصيبعة، جـ ١، ص ٣٠٩ - ٣١٠). ولكن الرازي توفى قبل ذلك بخمسين عامًا. وتفسير هذه المفارقة قد لاحظه ابن أبي أصيبعة من قبل (الموضع المذكور) وربما كان السبب فيه التشابه في الرسم بين