يوم يأتي تأويله .. " الأعراف الآية ٥٣ فقال أبو إسحاق: معناه: هل ينظرون إلا ما يؤول إليه أمرهم من البعث. قال: وهذا التأويل هو قوله تعالى: "وما يعلم تأويله إلا الله". أي: لا يعلم متى يكون أمر البعث، وما يؤول إليه الأمر عند قيام الساعة إلا الله. والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، أي: آمنا بالبعث والله أعلم. قال ابن منصور: وهذا حسن". وأقول: بل هو الصواب الذي لا يفهم من القرآن غيره.
ثم دخل على المسلمين ناس اتبعوا المتشابه في مثل هذا وأكثروا من القول في القرآن بغير علم، حتى ادعوا أن له ظاهرًا وباطنًا. وأن الباطن لا يعلمه هؤلاء إلا بشيء يزعمونه نحو الإلهام. وهم لم يفقهوا ظاهر القرآن ولم يعرفوا شيئًا من السنة. أو عرفوا وأعرضوا عنه لما وقر في نفوسهم من حب الإغراب، أو من آراء تنافى الإسلام فارادوا أن يلصقوها به. وعن ذلك نشات تأويلات الصوفية وغيرهم ممن أشار إليهم كاتب المادة، وهذه التأويلات لا تمت إلى الإسلام بصلة، وإن كان قائلوها يسمون بأسماء إسلامية، ويذكرون في تاريخ الإسلام، وتذكر أقوالهم وآراؤهم مع آراء علماء الإسلام. الإسلام دين واضح سهل، لا رموز فيه ولا ألغاز، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك المسلمين على المحجة الواضحة، ليلها كنهارها. فكل من حاد عن هذه السبيل، فإنما أعرض عن الصراط المستقيم. وتفرقت به السبل، حتى خرج بعضهم عن كل طريق من طرق الإسلام، أو من الطرق التي تشبه أن تتصل بالإسلام ممن وصفهم كاتب المادة بقوله (بل صارت أحكام القرآن في رأى أصحابها غير واجبة الاتباع). ومن ذهب هذا المذهب أو قريبًا منه فلا يمكن أن يعد من المسلمين، ولا أن ينسب قوله إلى أقوال أهل الإسلام.
أحمد محمد شاكر
مصادر أخرى (كليات أبي البقاء ص ١٨٧ طبعة الآستانة سنة ١٢٨٧)، (كشاف اصطلاحات الفنون ص ١١١٦ - ١١١٧ طبعة الهند)، (لسان العرب ١٣: ٣٤ - ٣٥)، (حقائق التأويل للشريف المرتضى ص ٧ - ١٤ طبعة بغداد سنة ١٣٥٥) وكتب أخرى في التفسير وغيره.