هذا فلا بد أن يكون التبريزى قد حضر إلى دمشق عام ٤٥٦ ودرس الأدب على الخطيب البغدادي. وقد رويت قصة ظمئه إلى المعرفة بالتفصيل. وعاش بمنارة المسجد الكبير، وهذا الأمر يشهد أيضًا على فقره. وقد زاره الخطيب البغدادي مرة في مسكنه هذا وتحدث معه ساعة من الزمان. وأعطاه قبل أن يتركه مباشرة شيئًا ملفوفًا في ورقة هدية منه وطلب إليه أن يشترى بها أقلامًا. ولما فض التبريزى الورقة وجد بها خمسة دنانير مصرية. وزاره الخطيب مرة أخرى وأعطاه من المال قدر المرة السالفة أو يزيد وطلب إليه أن يشترى بهذا المال أوراقًا. ولا شك أن هذه القصة التي رواها ياقوت في حديثه عن التبريزى في كتابه إرشاد الأريب أصح مما رواه في المعجم، وهذا ينبئ بأن الخطيب البغدادي كان شيخًا للتبريزى حقيقة، وإلا خصة البغدادي بترجمة في كتابه تاريخ بغداد. وتلاميذ التبريزى هم: أبو الفضل محمد بن ناصر السلامى (٤٦٧ - ٥٥٠ هـ = ١٠٧٤ - ١١٥٥ م؛ انظر ما سلف) وأبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل (وفي المقرى، جـ ١، ص ٨٩٥: سعد) والأنصارى الأندلسى تلميذ الغزالى المتوفى ببغداد عام ٥٤١ هـ الموافق ١١٤٦ م، وأبو طاهر محمد بن محمد ابن عبد الله السنجى (٤٦٢ - ٥٤٧ هـ، وقد عاش في مرو) والجواليقى الذي خلفه في النظامية. ويقال إن التبريزى لم يكن على شيء كثير من حسن الخلق، فقد روى أنه كان يشرب الخمر ويلبس الحرير ويضع على رأسه عمامة مزخرفة بالذهب، وهذا ينبيء بأنه أصبح موسرًا فيما بعد. أما أنه كان حجة في العلم فأمر لا ينازع فيه أحد.
ومؤلفات التبريزى التي نعرف عناوينها تشهد بصبغتها العلمية، ولو أن ابن خلكان يروى له بيتين وقصيدة وجهها إليه العماد الفياض ورده عليها.
وفيما يلي مصنفاته، ونذكر من بين مصنفاته التي أوردها بروكلمان في (Gesch d. Arab . lit، جـ ١، ص ٢٧٩) تلك التي يمكننا أن نضيف عنها بعض المعلومات:
كتب التبريزى ثلاثة شروح لديوان الحماسة الذي ألفه أبو تمام أولها شرح