الطعام اتخذ شاهدًا فقط، والحق أن هناك حديثًا يتكلم عن البيع في صيغة عامة جدًّا أحمد بن حنبل. جـ ٣ ص ٤٠٢]. وإذا تنازع الطرفان المتعاقدان ولم يستطع كلاهما أن يدعم حجته فإما أن يظل البيع صحيحًا ويأخذ بحجة البائع وإما أن يتنازل كلاهما عن الصفقة. وإذا ادعى اثنان الشراء كان أولهما هو المشترى الحقيقي.
ولم يذم الحديث بوجه عام بيع النسيئة. ولا تجوز الزيادة أو التعجيل في الدين المؤجل (مالك: البيوع، حديث رقم ٨١) ومن الجائز أن تأخذ شيئًا في مقابل رهن، وآية ذلك أن النبي اشترى من يهودى طعامًا إلى أجل معلوم وارتهن منه درعًا من حديد.
وقد نهى الحديث التجار في كثير من المواضع عن أن يلجاوا للحلف في التدليل على جودة بضاعتهم، فجاء في حديث "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة"(البخاري: البيوع، باب ٢٦) وفي حديث آخر أن الآية ٧١ من سورة آل عمران قد نزلت في هذه المناسبة. على أن هذه الآية ليس لها شأن بالحلف وقت البيع، ولم تنزل في هذه المناسبة وإنما نزلت في شأن دينى محض.
وقد نهى الحديث عن بيع كثير من السلع وشرائها. وهذه السلع هي:(١) ما لا يملكه البائع أحمد بن حنبل: جـ ٢، ١٨٩، ١٩٠) (٢) طائفة من السلع التي حرم استعمالها أو التي تعتبر نجسة كالخمر والخنزير والكلاب والقطط والأصنام والميتة (والماء، وفي حديث أن الماء من بين أشياء ثلاثة يشترك فيها الكافة، وثمنه حرام (ابن ماجه، الرهون، باب ١٦).
ويشتد الحديث في ذم عادة شائعة في المشرق ألا وهي المماحكة أو المساومة. ولا ينبغي للبائع أن يتزيد على إخوانه. ويذم الحديث أيضًا رفع الأسعار (النَجْش) واحتكار الطعام (احتكار، انظر عن هذا الاصطلاح Fraenkel، كتابه المذكور، ص ١٨٩) وكل من احتكر طعامًا ليغليه فهو "خاطئ"(أحمد بن حنبل، جـ ٢ ص ٣٥١)"من احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بالجذام والإفلاس، (ابن ماجه: التجارات، باب ٦)؛ "المحتكر ملعون" (انظر ابن ماجه، نفس الموضع) وفي