عواقبه". ويستعمل هذا الفعل الآن للدلالة على معنيين: أولهما الحكم والإدارة، وشاهد ذلك العنوان الذي أطلقه بن أبي الربيع على مؤلف من مؤلفاته وهو "سلوك المالك في تدبير الممالك" وثانيهما الإرشاد وتدبير المنزل (باليونانية أو يكونوميا) وهو ما يعنينا في هذا المقام. ومن الأمثلة على هذا ما ذهب إليه ابن خلدون في مقدمته (طبعة Quatremere في Notices e Extraits , ج ١٦ ص ٦٢، ترجمة ده سلان في - No tices et Extraits ج ١٩, ص ٧٨) من أن "السياسة المدنية هي تدبير المنزل أو المدينة بما يجب لمقتضى الأخلاق والحكمة ليحمل الجمهور على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقاؤه".
وتدبير المنزل قسم من أقسام الفلسفة العملية الثلاثة التي نقلها العرب عن اليونان. وهذه الأقسام هي: علم الأخلاق، وعلم تدبير المنزل، وعلم السياسة (انظر على قبيل المثال ابن سينا: أقسام العلوم العقلية في مجموعة الرسائل، القاهرة سنة ١٣٢٨ هـ، ص ٢٢٩ وما بعدها؛ القفطى: تاريخ الحكماء، طبعة ليبير Lippert، ص ٥٢, وغيرهما من أصحاب التواليف). وقد كان رثر Ritter أول من بين أن كل ما ألفه المسلمون في علم تدبير المنزل يمكن رده إلى كتاب تدبير المنزل (وقد فقدت النسخة اليونانية منه) الذي ألفه بريسون pryson المنتسب إلى مذهب الفيثاغوريين المحدثين. وقد بقى من هذا الكتاب نسخة منقولة إلى العربية (نشرها شيخو في مجلة المشرق، ج ١٩، سنة ١٩٢١, ص ١٦١ - ١٨١, وذكره من القدماء صاحب الفهرست، ص ٣١٥)، وأخرى عبرية نقلت منها (ميونخ، الفهرس العبرى، ص ٢٦٣؛ Ritter في. Ls، ج ٧، سنة ١٩١٧, ص ١٢ وما بعدها) وثالثة لاتينية نقلت منها أيضًا (مخطوط جالينوس المحفوظ في درسدن، وقد نبه إليه بلسنر - Pless ner) وفسر بلسنر كل ما يختص بهذا الموضوع ودرسه. ويستفاد من النتائج التي وصل إليها أن معالم المتقدم الذي أصابه المسلمون في هذا العلم إذا استثنينا ما قام به الناقلون والمقلدون من أمثال الدمشقي (الإشارة إلى