يقول ابن خلكان فى تاريخ وفاة ابن الرومى:"توفى يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وقيل ست وسبعين ومائتين، ودفن فى مقبرة باب البستان" فأى هذه التواريخ هو الأصح؟ إن الذين جاءوا بعد ابن خلكان تابعوه فى هذا الشك الذى لا مسوغ له اعتمادا على روايته بغير بحث، لأن ابن الرومى أثبت لنا أنه بلغ الستين وعاش إلى ما بعد سنة ثمانين، إذ يقول:
طربت ولم تطرب على حين مطرب ... وكيف التصابى بابن ستين أشيب
فهو لم يمت فى سنة ست وسبعين على التحقيق. ولو راجع ابن خلكان كتاب مروج الذهب للمسعودى لعرف منه أن ابن الرومى كان حيا بعد ست وسبعين، فلا محل للقول بموته فى للك السنة. فمن المحقق إذن أن ابن الرومى تجاوز سنة ست وسبعين، ولم يبق لنا إلا أن نبحث فى السنتين الأخريين، أى سنتى ثلاث وأربع وثمانين. فعندنا تاريخ اليوم والشهر من أولاهما وليس عندنا مثل ذلك من الثانية، وهذا مما يرجع وفاته فى سنة ثلاث وثمانين دون أربع وثمانين. ويقوى هذا الترجيح أن مضاهاة التواريخ تثبت لنا أن جمادى الأخرى من سنة ثلاث وثمانين بدأت يوم جمعة فيكون يوم الأربعاء قد جاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى فى للك السنة كما جاء فى تاريخ الوفاة. وقد ضاهينا هذا اليوم على التاريخ الإفرنجى فوجدناه يوافق الرابع عشر من شهر يونيو، أى يوافق إبان الصيف فى العراق، وابن الرومى مات فى الصيف كما يؤخذ من قول الناجم إنه دخل عليه فى مرضه الذى مات فيه وبين يديه ماء مثلج، فيجوز لنا على هذا أن نجزم بأن أصح التواريخ هو التاريخ الأول، وهو يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين".
والأقوال مجمعة على موت ابن الرومى بالسم، وأن الذى سمه هو القاسم بن عبيد الله أو أبوه، ولكن الروايات فى هذا الخبر لا تخلو من ضعف واضطراب. فالرواية التى أوردها ابن خلكان تقول: "إن الوزير أبا