مؤسس المذهب الوهابى قد طرد من العَيْنيَّة حيث نشط فى إذاعة مذهبه، والتجأ إلى صديقه محمد ابن سعود، وتعاون الاثنان على نشر المذهب الجديد باللسان والسيف. وبدآ يشنان الغارة على البلاد المجاورة ومناطق البدو القريبة عام ١١٩٥ هـ (يبدأ فى ٢٤ يناير ١٧٤٦) وسرعان ما أدى ذلك إلى تدخل بعض الجيران الأقوياء أمثال بنى خالد أصحاب الأحساء وآل المَكْرمَى أصحاب نجران، ولكنهمْ عجزوا مع ذلك عن إيقاف تقدم الوهابيين. وكان أشراف مكة يتهمون حجاج الوهابيين بالمروق، وكانوا يمنعونهم لذلك من زيارة الأماكن المقدسة. وكانت تقارير الأشراف فى هذا الشأن، تلك التقارير التى بعثوا بها إلى الباب العالى عام ١١٦٢ هـ (ويبدأ فى ٢٥ ديسمبر ٤٨ - ١٧٤٩) أول ما وصل الحكومة العثمانية من أخبار هذا المذهب الجديد، وتوفى محمد ابن سعود عام ١١٧٩ هـ (١٧٦٥ - ١٧٦٦ م) بعد أن حكم حوالى ثلاثين عاما.
٢ - عبد العزيز بن محمد بن سعود (١١٧٩ - ١٢١٨ هـ = ١٧٦٦ - ١٨٠٣): قضى الثلاثين السنة الأولى من حكمه فى قتال مستمر مع القبائل المجاورة، أى مع بنى خالد وآل المكرمى والمُنتْفَقِ. وفى عام ١٧٩٥ م اقتحم الوهابيون الأحساء ووقطَيفًا وبهذا ثبتت أقدامهم على شاطئ الخليج الفارسى. ولقد فشلت تماما تلك الحملات المتكررة التى قام بها ولاة البَصْرَة وبغداد من الترك مع حلفائهم من آل المنتفق (حملة الشيخ ثوينى آل المنتفق عام ١٧٩٧ م، وحملة كخيا على باشا عام ١٧٩٨ م) فى إجلاء الوهابيين عن الأحساء. وانتهت هذه الحملات بتهادن عبد العزيز ووالى بغداد مدة ست سنوات. ومنح سرور، شريف مكة، عام ١١٨٦ هـ (١٧٧٢ - ١٧٧٣ م) الحجاج الوهابيين الحق فى زيارة الأماكن المقدسة نظير ضريبة يؤدونها، ولكن الشريف غالب، خليفة سرور استرد منهم هذا الحق عام ١٢٠٢ هـ, وقام بعدة حملات عام ١٧٩٠ و ١٧٩٥ و ١٧٩٨ لصد الوهابيين عن غزو الحجاز، ولكنه اضطر إلى عقد الصلح