للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ما يقوله بعض العلماء من أن أحاديث النهي عن التصوير موضوعة ولا تعبر إلا عن الرأى السائد بين الفقهاء في العصر الذي جمع فيه الحديث ودون، أي نحو القرن الثالث الهجرى والتاسع الميلادي. وقد نسبنا كراهية التصوير في الإسلام إلى الفزع من الوثنية وعبادة الأصنام والخوف من الرجوع إلى ما كان عليه معظم العرب في الجاهلية، وذلك فضلا عن كراهية الترف في ذلك العصر الذي ساد فيه الزهد والتقشف في سبيل الله، وعن النفور من مضاهاة خلق الله تعالى. ويرى بعض العلماء. أن العرب كانت تخشى الصور والتماثيل بالغريزة كما كانت تخشاها الأمم السامية.

والمعروف أن كراهية التصوير وعمل التماثيل في الإسلام جنبت المسلمين اتخاذ الفن عنصرا من عناصر الحياة الدينية وحالت دون استعمال التصوير في المصاحف وفي العمائر الدينية كالمساجد والأضرحة اللهم إلا في حالات نادرة جدًّا، وجعلت المسلمين ينصرفون إلى إتقان الزخارف البعيدة عن تجسيم الطبيعة الحية أو تصويرها، فيتفوقون في العمارة وفي زخرفة المبانى وفي تزيين الألطاف والتحف بالرسموم الفنية، ويقصرون في ميدان النحت فلا تظهر عبقرية النحات، ولا يكاد يلتفت إلى التماثيل المخروطة، ورفعت تلك الكراهية مكانة الخطاطين والمذهِّبين وسائر المشتغلين بإنتاج المخطوطات الثمينة؛ ولكنها مع ذلك كله لم تقض على التصوير قضاء مبرما، فازدهر إلى حد ما, ولا سيما على يد الإيرانيين والهنود.

والشواهد التي ساقها كاتب المقال على وجود التماثيل عند المسلمين قليلة جدًّا بالنسبة إلى ما يعرفه المؤرخون وعلماء الفنون الإسلامية. وقد جمع المرحوم تيمور باشا كثيرا منها في كتابه الذي أخرجناه للجنة التأليف والترجمة والنشر. كما ذكرنا كثيرا منها في كتبنا "كنوز الفاطميين" (القاهرة سنة ١٩٣٧ و "الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي" و "الفن الإسلامي في مصر" (القاهرة سنة ١٩٣٥) أما ازدهار التصوير في إيران والهند