للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويدخل في المشاهد بمعناها الواسع المواكب التي تسير في الطرقات كموكب الفرسان وفيه جواد الحسن، وموكب زواج القاسم ولد الحسن من فاطمة ابنة الحسين والموكب الذي يسير إلى القرافة، وفيه التابوت.

ثم إن التعزية تدل على تأدية هذا المشهد المؤثر نفسه، فيقام المسرح في الأماكن العامة والحانات، وفي المساجد، وفي "إمام بارا" الذي شيد خصيصًا لإقامة هذا الحفل.

وأهم ما يجهز به المسرح تابوت كبير ومستقبلات للنور توضع في مقدم المسرح ثم قوس الحسين ورمحه وحربته وعلمه.

ويشترك في الحفل إلى جانب المهرجين الـ "روضه خوان" والشاعر، أي الرجل الذي يرثى الشهداء، فهو الذي يفتتح المشهد ويلقى الخطبة وهو يؤمئ بإشارات فيها معنى الأسى، ويستكثر فيها من الأحاديث بصوت المتفجع، ويحيط به طائفة من الصبيان المرتلين يطلق عليهم اسم "بش خوان" ومعناها لغة المنادون، بينما ترتدى الـ"نوه حَنّانه" ثياب الحداد ويندبن ندب الأرامل والثكالى، والرجال من النظارة في جانب والنساء في جانب. ويوزع عليهم "مَهْر" وأقراص من طين كربلاء مضمخة بالمسك يضعونها على جباههم في حزن بالغ، ويمثلون على المسرح أصدق تمثيل ما قاساه الشهداء من جوع وما عانوه خاصة من عطش، في حين يدار على النظارة الماء والمرطبات. والجود بجهاز المسرح وكل مايشتمل عليه -بما في ذلك جُعْل الشاعر- فريضة على الأثرياء، وهو أيضًا عمل من أعمال البر والتقوى، وللأشراف شأن هام في هذه المحافل، لأن ارتفاع نسبهم إلى الحسين يكسبهم حقًّا في صدقة المتصدقين، وهم يلحفون في طلبها.

وأغراض هذه المشاهد متشابهة وجل ما يتلى فيها واحد. ويفتن الشعراء في تناول هذه الأقوال ويتوسعون فيها" (انظر فهارس المخطوطات) وأشهرها فارسى وبعضها عربي وبعضها تركى .. ولا يمكننا أن نطلق على المشهد


(١) الإتقان ٢: ٢٢٤.