لدى السلطان على مخالفته الشريعة بتوليته قبطيًا أمر المسلمين، فطيب خاطره آخر الأمر. والغالب أنه لم يقدم البيان الَّذي طلب منه. ويقال إنه كان ورعًا رضي الأخلاق تبدو عليه سمات من وقار، ولكنه كان أبدًا موضع الريبة كما يقول الذهبي، لأن أحدًا لم يكن يعرف حقيقة آرائه، بل لقد أتهم بأنه من النصيرية والعجيب أن شعره كان بليغا سهلًا عذبًا، ولكنه كان يخفى السم كما يقول كتاب سيرته. وجمعت أشعاره في ديوان. ومن هذا الديوان نسخ بمكتبات المتحف البريطانى ومكتبة وزارة الهند وبودليانا بأوكسفورد وفي غيرها. والثابت أن ليس في هذا الديوان ما يدل دلالة صريحة على الزندقة، بيد أن أشعاره قد نسجت في كثير من الأحيان على منوال الأشعار الصوفية التي تخاطب محبوبًا متخيلًا. وقد أنس قطب الدين اليونينى بصحبته ونسب إليه أنَّه ادعى الوصول إلى مرتبة العرفان ويقال إنه أفصح عن ذلك وهو على فراش الموت بقوله:"من عرف الله كيف يخافه؟ والله منذ عرفته، ما خفته وأنا فرحان بلقائه".
وتوفى بدمشق في الخامس من رجب عام ٦٩٠ (أول يولية ١٢٩١) ودفن بجبانة هذه المدينة. وألف عفيف الدين علاوة على ديوانه كتبًا في علوم شتى لم يبق منها فيما يظهر سوى "رسالة في علم العروض"(برلين رقم ٧١٢٨) وينسب له الذهبي زيادة على ذلك "شرح الأسماء الحسنى" و "شرح مقامات النفزى" و "شرح فصوص الحكم" لابن عربي. وتدلنا عناوين هذه التواليف على شيوخه، ونستطيع أن نقول دون أن نخشى الزلل أن عفيف الدين كان تلميذًا وفيًا لابن عربي.
المصادر:
(١) الذهبي: تاريخ الإسلام، مخطوط بالمتحف البريطانى، فهرس المخطوطات الشرقية رقم ٥٣، ورقة ٧٧