ثم نذكر الطوالع، وهي السهام (ومفردها سهم) في قول مصنفى القرون الوسطى، وهذه السهام طوالع متوهمة على فلك البروج على مسافة معينة من الطالع الحقيقي. ولم يذكر بطلميوس ومن اتبعه من كتاب العرب إلا سهما واحدلم منها هو سهم السعادة "أو كليروس ليس ليكهوس"، في حين ذكر المنجمون الآخرون عددًا كبيرًا منها، وهي تبلغ في مقدمة أبي معشر سبعة وتسعين سهما يخرج منها ثلاثون سهما أخرى ذكرها القبيصى.
ويجب ألا يغفل آخر الأمر العامل الجغرافي، ذلك لأنه مادام كل إقليم من أقاليم الأرض معرضا لتأثير فلك من أفلاك البروج وكوكب من الكواكب، فكذلك طوالع الناس في البلاد المختلفة لا يمكن فصلها عن حالات السماء، وذلك علم المنجم في جوهره، واصطناع هذا العلم ليس أقل من ذلك تعقيدًا. ويستطيع المنجم المسلم أن يأخذ بثلاث طرائق كبرى لا يتعداها هي: ١) طريقة المسائل "إيروتيسيس" ويقصد بها الاجابة عن الأسئلة المتعلقة بحياة الناس كل يوم، مثال ذلك طلب السائل الاخبار بغائب عنه، أو معرفة سارق، أو استعادة مفقود .. إلخ. وهذه أبسط طرائق الصناعة وأكثرها شيوعا. ٢) طريقة الاختيارات "كتاريكهاى" أي اختيار الأوقات الموافقة للقيام بعمل من الأعمال ويعين هذا الوقت بمعرفة البيت من البيوت الاثنى عشر الَّذي يكون فيه القمر آنئذ. ويستبدل بها المنجمون الذين يفضلون الطرائق الهندية منازل القمر الثمانية والعشرين ٣) طريقة تحاويل السنين، وهو اصطلاح المصنفين المسلمين، وتقوم على حساب السنوات أو أجزاء السنة المدارية التي انقضت، أو التي يظن أنها انقضت منذ ولادة فرد من الأفراد وابتداء ملك أو قيام فرقة أو ظهور دين أو تخطيط مدينة ... إلخ. وأساس هذه الطريقة يختلف تمام الاختلاف عما تقوم عليه الطريقتان الأخريان، وهو أن الصورة السماوية في زمن المولد تحدد بالضبط طالع المولود، ومن ثم كانت مستقلة أو تكاد تكون كذلك عن التغيرات التي تطرأ على الكرة السماوية بعد ذلك. وقد اتبع