للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرجئة (١) وهم الفرقة التي ذهبت إلى أن الإيمان هو التصديق أي معرفة الله بالقلب دون الإقرار باللسان والعمل بالجوارح، وبعضهم زاد الإقرار باللسان على المعرفة بالقلب، وبعضهم غلا غلوًا كبيرأ فزعم أن الإيمان قول باللسان وإن اعتقد الكفر بقلبه، وإذن فهم جميعًا يتفقون على أن العمل ليس من مفهوم الإيمان (٢)، ولعل هذا الرأى في الإيمان، أعنى إرجائهم وتأخيرهم العمل منه على معنى أنهم يقولون؛ "ولا تضر المعصية مع الإيمان كما لا تنفع الطاعة مع الكفر"، هو سبب تسميتهم بهذا الاسم الذي عرفوا به (٣).

وقد كان الباعث الأول لظهور المرجئة سياسيًا مرده إلى مسألة الإمامة وخلاف على ومعاوية؛ رأوا الخوارج يكفرون أصحاب الكبائر والشيعة الذين يرون -كما سيجئ- أن الإيمان بالإمام وطاعته جزء من الإيمان بالله، فأخذوا يبحثون فيما هو الإيمان، وكان أن ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه فيه فلم يكفروا طائفة من تلك الطوائف المختلفة. إلا أنه لما كانوا على طرفى نقيض مع الخوارج كانت الخصومة حادة بين الطائفتين، كما كان شديدًا خلافهم مع المعتزلة أيضًا، لجعل هؤلاء وأولئك- الخوارج والمعتزلة- العمل جزءًا من الإيمان لا يتم إلا به.

من أجل ذلك نرى بعضهم يؤلف الكتب في نصر مذهبه والرد على خصومه. كما ذكر ابن النديم أن اليمان ابن رباب، من جملة الخوارج ورؤسائهم، كان من تآليفه كتاب على المعتزلة في القدر، وآخر في الرد على المرجئة (٤) ولهذا أمثال كثيرون بين الفرق الإسلامية.

٦ - وأخيرًا نصل إلى الشيعة، الفرقة السادسة من الفرق الأصول الست. أشرنا من قبل إلى أن مشكلة الخلافة كانت من المشاكل الأولى التي واجهت المسلمين واختلفوا فيها فتكون حول هذا الخلاف الخوارج والشيعة والمرجئة.


(١) الفصل لابن حزم جـ ٣ ص ١١٢
(٢) نفسه جـ ٤ ص ٢٠٤، والشهرستانى جـ ١ ص ١٨٦ - ١٨٧
(٣) التبصير ص ٦٠.
(٤) الفهرست ص ٢٥٨.