للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصول عقيدته -أي عقيدة الأشعرى- التي عليها الآن جماهير أهل الأمصار الإسلامية والتي من جهر بخلافها أريق دمه" (١).

وبعد هذين نجد طاش كبرى زادة المتوفى عام ٩٦٢ - يذكر أن كثيرًا من فقهاء عصره أنكروا على المشتغلين بهذا العلم أشد الإنكار؛ وأنه- لهذا- يجب التفرقة بين علم الكلام الذي دخل فيه من الفلسفة ما لا يتفق والكتاب والسنة، ككلام المعتزلة والمرجئة وأمثالهم، وبين علم الكلام المؤسس على الكتاب والسنة في مسائله، والأول هو الذي يجب ذمه وإنكاره دون الثاني (٢).

نعتقد أن هؤلاء وأمثالهم قد أسرفوا في ذم هذا العلم والتنفير منه، ولكن نعتقد أيضًا أنه كان لهم شيء من العذر فيما ذهبوا إليه، وربما كان من الخير- وقد أشرنا إلى تلك الآراء- أن نشير إلى رأى نوافق عليه كل الموافقة وهو رأى العلامة المرحوم الشيخ حسين والى من علماء هذا العصر الذي نعيش فيه.

هذا الرأى هو أن دراسة القرآن لفهم العقائد والتدليل عليها أولى من دراسة كتب الكلام الآن! لأن هذا العلم حدث في زمن كانت الحاجة ماسة له للرد على خصوم الإسلام من الدهريين والزنادقة والملاحدة والمبتدعة أما الآن وقد ذهبت تلك الخصوم وجاء خصوم آخرون فلا يليق فرض المذاهب حاضرًا وتركُ الحاضر الذي لا يرده إلا كتاب الله إذا بينه المراد على وجهه، وليس من الحزم أن يضيع الإنسان عمره في الاشتغال بخصوم موهومة وتركُ الخصم الموجود الذي ضيق عليه المساللُ. فضلًا عن هذا فإن تلك الكتب- كتب علم الكلام- فيها حجب كثيفة تمنع النور وتحدث الظلمة، وربما قضت على اعتقاد ثابت صحيح. والله الهاد إلى سواء السبيل.

محمد يوسف موسى


(١) الخطط ص ١٨٨
(٢) مفتاح السعادة جـ ٣ ص ٣٣ وما بعدها.