للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه المعرفة كانت محفوفة بالمكاره، لأنها كشفت عن بعض التعارض بين القرآن والتوراة والإنجيل. وقد أومأ النبي [- صلى الله عليه وسلم -] في حديث ذكره البخاري كثيرًا إلى طريقة الخلاص من هذه المكاره (البخاري كتاب التوحيد، باب ٥١؛ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة"، باب ٢١، كتاب التفسير، سورة البقرة، باب ١١) فجاء في هذا الحديث أن أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] لهؤلاء: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل (١) " وهو قول يود البخاري، كما يستفاد من عنوان هذا الباب من كتابه، لو استطاع أن يصل به إلى رأى في جواز تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية. وقد نهى الحديث (البخاري: كتاب الشهادات، باب ٢٩) المسلمين عن سؤال أهل الكتاب فيما أنزل عليهم، كما أن هؤلاء لا يسائلون المسلمين عن القرآن، ومع ذلك فلم نعدم إشارات إلى أناس من أكابر أهل التقى والصلاح (ابن سعد جـ ١ - ٢، ص ٧٩) درسوا التوراة في لغتها الأصلية (٢)، بل قرءوها من أولها إلى آخرها في أسبوع (ابن سعد، الموضع نفسه، ص ١٦١) (٣) وفي الحديث الصحيح والموضوع وفي المواعظ نقول كثيرة من التوراة لا نجد


(١) الذي في الحديث بعد كلمة و"ما أنزل" كلمة، الآية" يعني قولوا هذه الآية وهي الآية ١٣٦ من سورة البقرة. ونصها "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى عيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" ولا يؤخذ من الحديث ما يدعيه كاتب المادة أنه إيحاء إلى طريقة التخلص من التعارض بين القرآن وبين ما بأيديهم من هذه الكتب.
أحمد محمد شاكر
(٢) يشير إلى رجل من العباد الزهاد في التابعين اسمه "عامر بن عبد الله بن عبد القيس العنيرى" حكى راو عنه إنّه راه جالسا إلى كعب الأحبار وبينهما سفر من أسفار التوراة وكعب يقرأ له، وليس في الرواية أنها بلغتها الأصلية أو بغيرها من اللغى وليس في قراءة عامر في التوراة حجة على شيء، وكان رجلًا صالحا رحمه الله. وله ترجمة في الحلية (جـ ٣، ص ٩٥ - ٩٥).
(٣) إشارة إلى شخص اسمه "جيلان بن فروة أبو الجلد الجونى" كان يقرا الكتب حكت عنه بنته أنّه كان يقرأ القرآن في كل سبعة أيام ويختتم التوراة في سنة ويقرؤها نظرًا، وانه كان يحشد ناسا يوم يختمها ويقول: كان يقال تنزل عند ختمها الرحمة. وهذا شيء لا حجة فيه.
أحمد محمد شاكر