الوزارة، اذ لم يرد ذلك الا فى نص واحد، أضف الى ذلك أن البطرْوجى وهو أحد تلاميذه، لم يقرن اسَمه إلا بلفظ القاضى فقط (Thofail lbn: L.Gauthier ص ٦). ومهما يكن من شئ فإن ابن طفيل كان دائما ذا تأثير كبير على هذا السلطان. وقد استغل هذا التأثير فى اجتذاب العلماء الى البلاط، مثال ذلك أنه قدم الشاب ابن رشد إلى السلطان. وقد وصف المؤرخ عبد الواحد المراكشى (للمعجب، طبعة دوزى، ص ١٧٤، ١٧٥، ترجمة فانيان Fagnan، ص ٢٠١ - ٢١٠) هذه المقابلة اعتماداً على رواية ابن رشد نفسه، تلك المقابلة التى أظهر فيها أمير المؤمنين دراية واسعة بالمسائل الفلسفية. كما أن ابن طفيل هو الذى حبب إلى ابن رشد -تلبية لرغبة الخليفة- شرح كتب أرسطو، ذكر ذلك أبو بكر بندود تلميذ ابن طفيل، وهو يقول أيضا:"وكان أمير المؤمنين أبو يعقوب شديد الشغف به والحب له، وبلغنى أنه كان يقيم فى القصر عنده أياما ليلا ونهارا لا يظهر".
ولما طعن فيلسوفنا فى السن، حل ابن رشد محله فى الطبابة للخليفة عام ٥٧٨ هـ، ـ ومع ذلك فقد ظل ابن طفيل محتفظا بمحبة الخليفة أبى يعقوب. وبعد وفاة هذا الخليفة عام ٥٨٠ هـ، احتفظ بصداقة ولده أبى يوسف يعقوب. وتوفى ابن طفيل عام ٥٨١ هـ (١١٨٥ - ١١٨٦ م) بمراكش، وحضر الخليفة بنفسه جنازته.
وابن طفيل هو مؤلف القصة الفلسفية المعروفة "حى بن يقظان" التى تعد من أعجب كتب العصور الوسطى، وسنفصل الكلام عنها فيما بعد. ولا نعرف له غير هذه القصة الا القليل. فقد كتب رسالتين فى الطب، وكانت بينه وبين ابن رشد رسائل حول كتاب ابن رشد "الكليات".
ويظهر أنه كان لابن طفيل آراء مبتكرة فى علم الفلك، كما يفهم من أقوال البطروجى المنجم ومن كلام ابن رشد فى شروحه الوسطى على كتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو (الكتاب الثانى عشر). وحاول البطروجى أن يجرح نظرية بطليموس الخاصة بفلك التدوير Epicycle وبالفلك الخارج المركز، ويقول فى مقدمته إنه يتبع فى ذلك آراء ابن طفيل.