بن حيان وفي تأليف كتبه. ويضاف إليها مجموعات أخرى صغيرة تتناول إلى جانب الكيمياء شروحا لكتب أرسطو وأفلاطون ثم رسائل في الفلسفة وعلم الهيئة والتنجيم والرياضيات والموسيقى والطب والسحر ثم رسائل دينية.
ولا يمكن أن تكون هذه المجموعة الضخمة من الكتب -التي تشمل جميع علوم الأوائل التي نقلت إلى العالم الإسلامي- لمؤلف واحد أو أن ترجع إلى النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة. وتدل جميع الدلائل على أن مجموع هذه الكتب قد ألف في آخر القرن الثالث ومستهل القرن الرابع الهجريين.
وأول ما تثيره مؤلفات جابر بن حيان من المسائل مسألة تتصل بتاريخ الدين، فكما أن أصحاب الكيمياء القدامى من اليونانيين الذين وصلت إلينا مؤلفاتهم مزجوا تعاليمهم الكيميائية بمذاهب العرفان أو الغنوصية المنتشرة في مسيحية زمانهم، كذلك مزج جابر علومه بنظريات العرفان المنتشرة عند أهل الإسلام. ولم تكن النظريات الدينية التي أخذ بها جابر هي مذاهب العرفان الساذجة التي ظهرت بين الشيعة في القرنين الأولين للهجرة كما يصفها لنا أصحاب الملل والنحل، وإنما هي أقرب إلى مذاهب العرفان المتطورة المخللطة التي كانت فاشية بين غلاة الشيعة في أواخر القرن الثالث للهجرة، وقد اقترنت عندهم بنزعات سياسية من شأنها أن تهز دعائم الإسلام. بأسرها. فقد بشر جابر بقرب ظهور إمام معصوم جديد وليست التعاليم المنبثة في مجموع كتبه إلا عرضا لهذا "الإمام" الجديد الذي من شأنه أن يكون عقليا صرفا وأن تكون مفاتيحه في أيدى الأئمة المعصومين من ذرية على بن أبي طالب.
وجابر وثيق الصلة بالقرامطة من حيث مصطلحاته الدينية. وحسبنا أن نذكر بهذه المناسبة أن اسم القرامطة ورد في مؤلفاته، والمعروف عنهم أنهم لم يظهروا إلا بعد عام ٢٦٠ هـ. فهو يسمى الإمام الناطق ويجعل الصامت قباله. ويطلق على مراتب "الحدود" تلك