فى رئاسة المالكية بمصر، واشتهر عبد الحكم وسعد (أولهما بصفة خاصة) بسعة العلم، كما اشتهر عبد الرحمن. وقاست هذه الأسرة كثيراً من الاضطهاد فى عهد الواثق (٢٢٧ - ٢٣٢ هـ = ٨٤٣ - ٨٤٧ م) لأنها رفضت الأخذ بمذهب خلق القرآن. وقد نبذهم الناس بعد ذلك لما ثبت عليهم من اختلاس (الكندى طبعة كست Guest، ص ٤٦٢ وما بعدها، ص ٤٧٣).
وتوفى عبد الرحمن (المعروف عامة بابن عبد الحكم) فى الفسطاط عام ٢٥٧ هـ (٨٧١ م) وكان كثير العناية بدراسة الحديث، وجمع كثيراً من الأحاديث التى تستند إلى رواية أهم المحدثين من المصريين، وكان أبوه واحداً منهم. وأهم تصانيفه:"فتوح مصر والمغرب"، وهو كتاب فى سبعة أجزاء:
١ - مصر وتاريخها القديم.
٢ - الفتح الإسلامى.
٣ - خطط القسطاط والجيزة وأخائذ الإسكندرية.
٤ - نظام مصر وإدارتها فى عهد عمرو بن العاص وامتداد الفتح الإسلامى جنوبى مصر وغربها.
٥ - فتح شمالى إفريقية بعد وفاة عمرو وغزو الأندلس.
٦ - قضاة مصر حتى عام ٢٤٦ هـ (٧٦٠ م).
٧ - الأحاديث المصرية المستقاة من الصحابة الذين وفدوا على مصر. وتدلنا طريقة تصنيف هذا الكتاب كله على أن مصنفه كان بارعاً فى جمع الأخبار، ولكنه لم يهتم بنقدها. وقد عنى عناية خاصة بعصر الصحابة والتابعين، ولذلك نجده يسهب فى كلامه عن المتقدمين من القضاة، بينما يوجز فى الكلام عنهم كلما قاربوا عصره، كذلك نجده فى كلامه الهام عن الخطط يجمع كل ما يصل إليه من الأخبار، على حين أنه أحل الروايات الموثوق بها محلاً ثانوياً.
وقد استفاد مؤرخو مصر المتقدمون إلى حد بعيد من كتاب ابن عبد الحكم، واعتمدت عليه المؤلفات المتأخرة كذلك،