العربية نفسها)، وعلى الفترة السابقة للإسلام وعلى أهل هذه الفترة. والظاهر أن الجاهلية -من حيث تركيبها- تتألف من الكاسعة "يّة" التي تدل على اسم معنى، ومن اسم الفاعل "جاهل"، وليس من اليسير أن نحدد معناها الدقيق بالضبط. وقد لاحظ كولدتسيهر (Muh. Studien: Ignaz Goldziher, ج ١، ص ٢١٩ وما بعدها، تحليل الكلمة في o Arabica مجلد ٧، ج ٣، سنة ١٩٦٠. ص ٢٤٦ - ١٤٩) أن "جاهل" ضد "حليم" (انظر مادة "حلْم") ويجعل معناها "الهمجى" ويجَعل الجاهلية "زمن الهمجية"، ولكن مترجمى القرآن لم يتبعوه بالحرف فقد ترجموا الجاهل بأنه "الذي لا يعرف الله ولا النبي {- صلى الله عليه وسلم -} ولا الشرع" أو العاصى المتمرد، وترجموا الجاهلية بأنها "زمن الجهالة" و"الوثنية" (انظر مع ذلك: T. Izutsu: the Structure of the ethical terms of the Qoran، طوكيو سنة ١٩٥٩، الفهرس). والحق أن الشواهد التسعة على كلمة جاهل والشواهد الأربعة على الجاهلية التي وردت في القرآن قلما تسمح للمرء بأن يحدد معنى الكلمتين تحديدًا دقيقًا. على أن الجاهل في شعور المسلمين والمفسرين هو ضد العالم، والجاهلية هي ضد الإسلام إذا لم يؤخذ بمعنى التسليم لله بل بمعنى معرفة الله (انظر المصطلح عند الدروز) فهم يقولون إن الجاهل ضد العاقل، ويدل على كل أولئك الذين لم يسلكوا السبيل إلى أسرار هذه الفرقة). والجاهلية اسم معنى، ومن ثم فهي تطلق على الفترة التي لم يكن العرب فيها قد عرفوا الإسلام وشريعة الله، وعلى المعتقدات الجارية في تلك الفترة. واعتماد، على الآية ٣٣ من سورة الأحزاب حيث ترد عبارة "الجاهلية الأولى" فإن المرء يميل إلى التمييز بين زمانين: الجاهلية الأولى وتمتد من آدم إلى نوح (أو إلى أنبياء آخرين)، والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام. أما الصفة الجاهلى من الجاهلية فتنطبق على كل ما سبق الإسلام، وبخاصة الشعراء الذين توفوا قبل بعثة النبي. أما الذين أدركوا الإسلام من الجاهليين فيقال لهم "المخضرمون". وأما الذين ولدوا بعد الإسلام فيقال لهم