ورد في الجاحظ استشهد إلى ذلك بقصيدة لعمر بن أبي ربيعة المتوفى عام ٩٣ هـ (٧١٢ م) جاءت فيها إشارة إلى جحا (ولكن هذه القصيدة لم تظهر في ديوان هذا الشاعر) أما ابن الجوزي الذي يدافع عن وجود جحا فيقرر أنه إنما كان مغفلا وأن جيرانه الذين كان يتندر بهم هم الذين نسبوا إليه الحكايات التي نعرفها. وهو يذكر من معاصريه مكى بن إبراهيم (سنة ١١٦ - ٢١٤ أو ٢١٥ هـ = ٦٣٤ - ٨٣٠ أو ٨٣١ م؛ انظر تهذيب التهذيب، هذه المادة، وقد أخذ هذه الفقرة من ابن الجوزي صاحب كتاب نزهة الأدباء، ولكن الترجمة التي وردت في كتاب Fourberies [انظر المصادر] ص ٤ - ٥ يجب تصويبها) كما يذكر بعض النوادر التي تصله حقا بشخصيات بعينها من أعلام النصف الأول من القرن الثاني الهجرى (الثامن الميلادي) وخاصة أبى مسلم والمهدى.
ويذكر كتاب السير محدثا ضعيف الشهرة هو أبو الغصن دُجين بن ثابت اليربوعى البصري كانت أمه مولاة لأم أنس بن مالك؛ ويقال إن هذا التابعى الذي روى الأحاديث عن أنس، وأسلم (مولى عمر) وهشام بن عروة، ونقلها إلى ابن المبارك، ووقيع، بل الأصمعى، كان يعرف بجحا، ومن ثم كان يخلط أحيانا بالمترجم له. ويرفض ابن حجر العسقلانى المتوفى سنة ٨٥٢ هـ (١٤٤٩ م) القول بأن الاثنين هما رجل واحد (لسان الميزان، مادة دجين)، ولكن فقرة أقدم وأوضح في الكتبى (كتابه المذكور) تلمح إلى حل لهذه المشكلة، فهي تقول في هذا الصدد إن دجين الملقب بجحا توفي سنة ١٦٠ هـ (٧٧٧ م) ولكنها تضيف أن ابن حبان يذكر أنه قد خلط بين رجلين، أحدهما دجين المحدث (البصري)، والآخر نوح (أي جحا الذي استقر في الكوفة) لأن الرجلين توفيا سنة ١٦٠ هـ. وهذا التوافق، على أقل تقدير، عجيب، وليس من المستحيل أن يكون محدث البصرة قد وقع فريسة لكيد أهل الكوفة، وما لم تتوفر لنا زيادة في المعرفة بهذا الموضوع فإنه ما من داع إلى الشك في الوجود التاريخي لجحا الذي ربما يكون قد سمى إلى ذلك أبا لغصن نوحا