للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"حماقات" نصر الدين كانت مجموعة مستقلة ضمت إليها حكايات جحا التي انتقلت بالرواية الشفوية. على أننا يجب أن نلاحظ هنا أن دخول شخصية جحا عند الأتراك ربما يكون قد حدث عن طريق بلاد الفرس حيث اكتشف كريستنسن (Tuhi in Parsian Litersian vented to E.G. Brownr .. كمبردج سنة ١٩٢٢ ص ١٢٩ - ١٣٦) بعض شواهد قديمة عن جحا (جحى أو جوحى) وخاصة في مثنوى جلال الدين الرومى وفي "بهارستان" لجامى المتوفى سنة ٨٩٨ هـ (١٤٩٢ م).

وهذا النهج الذي دعا إليه كريستنسن، وهو القائم على البحث عن حكايات حول جحا في الكتابات السابقة على التاريخ المزعوم لظهور نصر الدين، قد طبَّقه حديثًا عبد الستار أحمد فراج في كتابه "أخبار جحا" (القاهرة من غير تاريخ [سنة ١٩٥٤]) مستقلا عن غيره ونجح في هذا التطبيق. فقد أفاد عبد الستار من مادة نصر الدين في هذه الدائرة (الطبعة الأولى، بقلم بجراكترفج) وبدأ بحثه بنظرية رينيه باستيه دون أن يشير إلى كتب هذا المستشرق البارز، وحاول إلى حد أن يستعيد المصنف الأصلي "كتاب نوادر جحا" بتحليل مستكشف للآثار الأدبية القديمة بالعربية" وقد استطاع بهذه الطريقة أن يكتشف حوالي ١٦٦ نادرة ثلثاها (١٠٧) ظهرت في طبعة مجموعة "نوادر جحا". أما المائتان وإحدى وأربعون نادرة الأخرى لهذه الطبعة (لم يستبعدها لتوه لأن إقحامها حديثًا أمر واضح) فقد أحصى منها ٢١٧ نادرة لم يجد عليها أي شاهد قديم، و ١٧ ظهر فيها تيمورلنك (القرن الثامن الهجرى- الرابع عشر الميلادي) ثم أحصى آخر الأمر ٧ منها احتوت على ألفاظ تركية. ومن هذه الأرقام التي لا يمكن أن تكون نهائية بحال، يمكن أن نخرج بنتيجتين موقوتتين: الأولى أن نسبة النوادر التي حققت في تاريخ متقدم كبيرة بعض الشيء (٤٠ %)؛ والثانية أن الإضافات التي لا شك في أصلها التركى قليلة بعض الشيء أيضًا (% ٦) وقد أثبتنا هاتين النسبتين هنا لا لشيء إلا ما توحيان به من دلائل