تجاوزت المرحلة الإقطاعية في القرن الثامن عشر بعد النضال الطويل الذي أوقف الأبزاخ والشايسغ والناثوخاى تفوختول في وجه أمراء بجه دوخ (معركة بزيوك سنة ١٧٩٦)، وقد تم ذلك أيضًا بفضل ما فعله حسن باشا سر عسكر انايه الذي ألغى سنة ١٨٢٦ الامتيازات التي كان يتمتع بها نبلاء هذه القبائل الثلاث.
أما بقية القبائل، فكان أمرها على عكس هذه، ذلك أن تطورها في طريق الإقطاع قد أبطأته عدة عوامل، نذكر منها بخاصة النفوذ الاقتصادى للمستعمرات اليونانية ثم الإيطالية ثم التركية. وهذا الرأى الأخير أقرب إلى الحقيقة فيما يظهر، ذلك أن المرء يجد بين القبائل الغربية في أوائل القرن العشرين بقايا قوية من نظام العشائر الأبوى الذي كان قد اختفى بين أديغة الشرقية. فقد كانت العشيرة (تليوخ) مقسمة إلى عدة جماعات من الأسر الأبوية الكبيرة (أخيخ)، وكانت هذه الجماعات بدورها تقيم مجتمعات ريفية (يسوخو) متحدة اتحادًا ذاتيًا ويحكم كلا منها بالاستقلال عن الأخرى مجالس من الشيوخ.
وكانت جميع القبائل الجركسية تحتفظ ببعض العادات التي هي من خصائص المرحلتين الأبوية والإقطاعية:
(١) ثأر الدم في حالات القتل، وهو حق وواجب مطلق في عنق العشيرة بأسرها.
(٢) أتاليقات، وتقوم على تنشئة أطفال منذ ولادتهم في أسر الأجانب، الأقيال في كثير من الأحيان (صبيان ما بين ١٧ - ١٨ سنة). وقد أوجدت الآتاليقات نوعًا من الإخوة غير الأشقاء لدعم الروابط الإقطاعية وتوحيد القبائل الجركسية.
(٣) تقاليد متباينة تتعلق بكرم الضيافة الذي يعدونه أمرًا مقدسًا، فالضيف يصبح، بحق الحماية، عضوا حقيقيًّا في عشيرة مضيفه يفديه المضيف بحياته وماله. وتمتد الضيافة حتى تشمل المنفى نفسه (أبرك أو خجرت). ويصبح عضوا في الأسرة ويجب على