عامًا. ففي أول يناير سنة ١٨٥٨ ظهرت الجريدة الثانية في بيروت بالفرنسية والتركية وهي "حديقة الاخبار" يحررها خليل الخورى وتشد ازرها الحكومة التركية وكان الخورى دائمًا من أشد المتحمسين لممثلى هذه الدولة في سورية. وكانت هذه الجريدة تصدر في أول أمرها مرتين في الأسبوع، وهي تصدر الآن يوميًا (انظر Reinaud في journ- As، جـ ٥، ٢ ص ٣٠٩ - ٣٢٥؛ Fleischer في Zeitschrd. D. Morgent Ges.، جـ ١٢، ص ٣٣٠ - ٣٣٣).
وبعد ذلك بأربع سنوات صدرت في باريس جريدة البَرْجيس، وهي التي ذكرها مول Mohi في Rapport Annuel الصادر في ٣٠ يونية سنة ١٨٦٣. وأول جريدة عربية كبرى هي في الحقيقة جريدة الجوائب، أما سائر الصحف التي سبقتها فليست- بالقياس إليها- إلا ثمرة كدح صحفيين من الطبقة الثانية. وأسس هذه الجريدة في الآستانة أحمد فارس الشدياق في أواخر يولية سنة ١٨٦٠. وهو مارونى دخل في الإسلام، وكانت الحكومة التركية تؤازرها مؤازرة كبرى، وقد انتصرت لقضية الإسلام، وأصبحت جريدة تقرأ في العالم بأسره، وتغلغلت في أقصى أطراف المعمورة فكانت ترد إليها المطبوعات والرسائل من هذه الأطراف. وبلغت الغاية في نهاية العقد السابع من القرن التاسع عشر ومستهل العقد الثامن منه. وثمت منتخبات من خير مقالاتها في المجموعة التي نشرها أحمد فارس الشدياق بعنوان "كنز الرغائب في منتخبات الجوائب، (جـ ١ - ٧).
وكانت الجوائب في بيروت لسان حال السلطات التركية في البلاد السورية، وكان أهم غرض توخته هذه السلطات من مؤازرة هذه الجريدة تعريف الأجانب الكئيرين من عمال الحكومة وغيرهم بآرائها، على أنها لم تكتف بهذه الأداة، بل أقامت جريدة أخرى في دمشق هي "سورية" نسبة إلى الولاية التي ظهرت في قصبتها، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية. ومن هذه الجرائد الحكومية الصحيفة التركية العربية "الفرات" وقد