بهم قائلا إنهم من أهل العلم الواسع ومن نقاد الشعر، كان يحيا حياة طليقة من كل قيد بل حياة اباحية (فسق ولواط)، وقد اتهم ابن قزمان أيضا بالزندقة وقبض عليه وأهين بل كان أمره خليقا أن ينتهى به الى القتل لو لم يقف إلى جانبه القاضى سير بن محمد (رقم ٤١). وتوحى بعض الإشارات التاريخية المتفرقة فى أشعاره بأنه كان يعيش عيشة اللهو والمتعة إبان حكم الأمراء المرابطين الثلاثة فى رعاية أسرة بن حمدين الثرية ولم يتب إلا فى السبعين من عمره فأقيم إماما فى مسجد من المساجد (رقم ١٤٧) ومع ذلك فإن أشعاره لم تخل من تحسره على قلة المال والجوع والبرد وقلة الملبس وغير ذلك، أو من مدائح يمدح بها الذين يمدونه بهذه الضرورات ويخص بالذكر رجلا يدعى الوشكى كان يلجأ إليه فى أى وقت وهو الذى أهدى اليه ديوانه (انظر ص ١٢ من التمهيد، وص ٣٤٢)، وسوف تنشر المعلومات الأخرى الخاصة بسيرته والواردة فى المخطوطات التى ذكرها تسيبولد، فى الدورية المسماة "الأندلس"، ومع ذلك فقد قيل ما يكفى لتوضيح أن حياة ابن قزمان تذكرنا من عدة نواح بحياة أبى نواس. ولم تصل إلينا أغانى ابن قزمان بأكملها، ذلك أن ما وصل إلينا منها هو ثلاثة أرباعها تقريبا فحسب (٧٤ ورقة من الأصل وقدره ٩٨ ورقة) وهى فى جملتها ١٤٩ قطعة وفقرة. والشاعر فى تمهيده يسمى كتابه فى الأغانى"إصابة الأغراض فى ذكر الأعراض". وقد كتب التمهيد باللغة العربية الفصحى على حين نظمت الأشعار التى وصلت إلينا باللهجة العربية الدارجة للأندلس وإن كان الشاعر قد اضطر أحيانا مراعاة لوزن الشمعر أن يستخدم الصيغ الفصحى. والديوان بسبب لغته الدارجة وما به من كلمات لاتينية وبربرية منتثرة هنا وهناك، وكذلك بسبب عدم حجية النص ونطق ناسخ سورى به نطقا سطحيا معتسفا قد جعل تفهمه وترجمته أمرا تكتنفه مصاعب كثيرة. غير أن طبعة كونزبرغ Gumzburg (١٨٩٦)، وهى مجرد صورة شمسية لمخطوطة بتروغراد الوحيدة بلا ترجمة