الحجاج على العراق كان لها شأن هام في سيرة جرير الأخيرة، ذلك إنّه قدمه إلى الخليفة عبد الملك، وقد جرّه التنافس على حظوة الخليفة إلى التخاصم مع الأخطل التغلبى وعدى بن الرقاع الدمشقيُّ، وقد وفق عدى في الاستئثار دونهما بهذه الحظوة، وخاصة في أيَّام الوليد. على أن جريرًا استحوذ على رضا الخليفة الورع عمر بن عبد العزيز، ولعل عفته وما كان يتملكه أحيانًا من غيره على الدين كان لهما نصيب في هذا الرضى. ونجد في ديوانه أيضًا قصائد في الخليفة يزيد الثَّاني وهشام. والظاهر أن جريرًا توفى في اليمامة عام ١١٠ هـ (٧٢٨ - ٧٢٩) ويقول آخرون إنه توفى عام ١١٤ هـ (٧٣٢ - ٧٣٣ م) بعد وفاة منافسه الكبير الفرزدق.
ويبدو جرير في قصائده قحًا، وقد تأصل في نفس هذا الشاعر عدم توقير أبيه، ومع ذلك فقد كان تفاخره بأجداده يقتضيه الإبقاء على شرف بيته، وإن كان ذلك على حساب الحقيقة. وكان يعتقد أنَّه يدافع عن شرفه وشرف قبيلته في أهاجية. على أن جريرًا لم يكن يعيش على الهجاء كما فعل غيره، بل على مدائحه لأصحاب السلطان. وقد طرق فنونًا أخرى من فنون الشعر، فله أيضًا مراثٍ جميلة.
وهجاؤه للفرزدق وارد في كتاب النقائض طبعة بيفان Bevan (سنة ١٩٠٥ - ١٩٠٩)، أما تهاجيه مع الأخطل فمجموعة في كتبخانه عمومية رقم ٥٤٧١ في الآستانة. وطبع ديوانه في القاهرة عام ١٣١٣ هـ وله أيضًا قصائد عدة في كتاب الأغانى.
المصادر:
(١) ياقوت، طبعة فستنفلد، مادة أثيفية.
(٢) General Tabellen: Wuestenfeld، انظر الفهرس، مادة جرير.
(٣) ابن قتيبة: كتاب الشعر، طبعة ده غويه، ص ٢٨٤ - ٢٨٩.
(٤) Gesch. der Arab.: Brockelmann Litter، جـ ١، ص ٥٦ - ٥٨ وما بعدها.