للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

انتقاض أو استعانة باليهود، وكان نفوذ هؤلاء اليهود يزداد حثيثًا، وأدت الحظوة التي نالها نفتالى بزناخ ويوسف بكرى (ملك اليهود) عند الداى في أوآخر القرن الثامن عشر إلى نشوب معارك دموية عام ١٨٠٥ م. وأمعن الإنكشارية في السلب والنهب، وكان عددهم قد قل كثيرًا، وفقدوا على الأيَّام صفاتهم الحربية، وكانوا يولون الدايات ويخلعونهم وفقًا لأهوائهم، وقد قتل غيلة أربعة عشر دايا من ثمانية وعشرين تعاقبوا على الحكم من سنة ١٦٧١ إلى سنة ١٨٣٠ م، ولم يفكر على خوجه في هجر قصر الجنينة في المدينة السفلى والانزواء بماله وحرسه في القصبة حيث يأمن على نفسه شر انتقاض الجند إلَّا عام ١٨١٦.

وكان الجند ينتخبون الداى، ومن ثم كان سلطانه مطلقًا، وكان يعاونه مجلس يعرف بالديوان يتألف من وزراء ولقبهم الرسمى: "القوات" وهؤلاء الوزراء هم الخزنَجى أي وزير المال، وأغا المعسكر أي القائد الأعلى، ووكيل الخرج وهو وزير البحرية؛ وبيت المالجى، أي مدير الأملاك الأميرية، وخوجه الخَول، وهو جابى الضرائب، أما شيخ المدينة فكان يشرف على الشرطة والقضاء في العاصمة.

وكان الداى يحكم إقليم الجزائر الذي كان يشمل دار السلطان، بوساطة أربعة من القواد. الأتراك. وقسمت بقية الإمارة إلى ثلاث نواح أو بكويات: البكوية الغربية وكانت قصبتها مزَونَة ثم من بعدها معَسْكَر (منذ ١٧١٠) ثم وهران (منذ سنة ١٧٩٢ م)؛ والبكوية الوسطى أو بكوية تيطرى وعاصمتها المدية؛ والبكوية الشرقية وعاصمتها قسنطينة.

ثم قسمت هذه البكويات إلى أوطان تضم منازل عدة قبائل؛ وتنقسم هذه القبائل أيضًا إلى دور، أي طائفة من المضارب، وعلى رأس كل بكوية بك، وكل وطن قائد إما من الترك وإما من العرب، وكل دوار شيخ، وكان الداى يعين البكوات، وجرت الحال بأن يكون ذلك لقاء مال يدفعونه ثم إن البكوات كانوا يختارون من يعملون تحت إمرتهم بالطريقة نفسها، وكان لهم سلطان عظيم في بكوياتهم بيد أنهم كانوا مسئولين عن الأمن في نواحيهم