للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على أن تحتفظ فرنسا بالثغور الساحلية، ولكنه رأى أن يترك مصير البلاد ليقرره مؤتمر يعقد لهذا الغرض. غير أن ثورة عام ١٨٣٠ أطاحت بالبربون قبل أن يجتمع الساسة. وكانت مشكلة الجزائر من المشاكل المعقدة التي ورثتها ملكية شهر يولية. ولم يتفق الساسة الذين تسلموا زمام الحكم وقتئذ على خطة لحلها، بل ترددوا بين أن يسلموا برغبات الاستعماريين الذين كانوا ينادون باحتلال الإمارة القديمة واستعمارها، وبين أن ينفضوا أيديهم من هذه الحرب التي كادت تبهظ كاهلهم. وظل الأمر كذلك إلى عام ١٨٣٤ حين انتهت اللجنة الإفريقية من مهمتها، وعندئذ أعلنت الحكومة عزمها على أن تبقى فرنسا محتلة لبلاد الجزائر، وحاولت في نفس الوقت ولأول مرَّة أن تنظم إدارة الممتلكات الفرنسية بشمال إفريقية، وكانت قد ظلت حتَّى ذلك الوقت خاضعة للحكم العسكرى، فأصدرت في ٢٢ يوليه سنة ١٨٣٤ مرسومًا بتأليف الحكومة العامة لهذه البلادَ، وكان المجلسان وكان الرأى العام يفضلون أن يقتصر احتلال البلاد على المدن الساحلية والأقاليم المحيطة بها على الرغم من الحملة القوية التي كان يقوم بها أنصار الاحتلال الكامل لجميع الأجزاء التي كانت تتكون منها فيما سبق إيالة الجزائر التركية، ومن هؤلاء مارشال كلوزل، وظلت البلاد الداخلية مسرحًا للفوضى من عام ١٨٣٠ م فقد وطد أحمد، باى قسنطينة السابق، أقدامه في الناحية الشرقية، وأخذ عبد القادر يعمل على إنشاء مملكة في غربي البلاد، ومن ثم كان تقدم الفرنسيين بين عامي ١٨٣٠ - ١٨٤٠ تقدمًا بطيئًا، فلم يحتلوا من عام ١٨٣٠ إلى عام ١٨٣٦ إلا بونة ووهران ومستغانم وآرزو وبجاية؛ ومهد احتلال قسنطينة عام ١٨٣٧، بعد محاولة فاشلة للاستيلاء عليها في العام السابق، السهيل إلى احتلال الناحية الشرقية الممتدة من الساحل إلى الصحراء، وفي عام ١٨٤٤ ظهر الجند الفرنسيون في بسكرة وتوغلوا في جبال أوراس. أما في الغرب فقد كان الصراع مع عبد القادر صراعًا مريرًا، لكن فرنسا شنت عليه حربًا نظامية