خاصة بالصلاة، ولكنه لم يسرف فى الصوم ابقاء على صحته ليقوم بخدمة الدين.
واشترك عبد الله فى كل المشاهد، وقطع فى غزوة بدر رأس أبى جهل وكان قد جرح جرحاً بليغاً، وحمله ظافراً إلى سيده. وهو واحد ممن بشّرهم الرسول بالجنة. ولما رأى أبو بكر إبان حروب الرَّدة أن الأمر يقتضى أن يعد "المدينة" للدفاع كان عبد الله بن مسعود أحد الذين وقع عليهم الاختيار لحماية الجهات الضعيفة من المدينة. وحضر كذلك وقعة اليَرْموك. ومن الطبيعى أن يكون كغيره من أتقياء المدينة غير صالح للحكم. وقد أرسله عمر إلى الكوفة ليقوم على بيت مالها وليعلم الناس أمور دينهم، وكثيراً ما كان يتردد عليه الناس يستقون من علمه الغزير بالقرآن والسنُّة. وقد أسند إليه ٨٤٨ حديثاً، ومن صفاته أنه كان إذا تحدث عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ارتعد وتصبب العرق من جبينه واحتاط فى كلامه مخافة أن يقع فى الخطأ. وأخذ الناس عنه تفسيره المتسامح لتحريم الخمر (Vorlesungen: Goldziher ص ٦٥: عيون الأخبار، طبعة بروكلمان، ص ٣٧٣، س ١٣).
وتختلف الروايات فى خاتمة حياته. ويقال: إن عثمان صرفه عن منصبه بالكوفة فلما بلغ هذا الخبر مسامع الناس أرادوا استبقاءه فقال لهم "إن له علىّ حق الطاعة ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن" (انظر Mathew، ١٨، ٧). وهكذا عاد ابن مسعود إلى المدينة، وتوفى بها عام ٣٢ أو ٣٣ هـ وقد نيف على الستين، ودفن ليلاً فى بقيع الغَرْقَد. ويقال إن عثمان لما عاده وهو على فراش الموت وسأل عن حاله وطلبه، أجابه الإجابة المأثورة عن أهل التقى من القدماء. واختار الزبير لتنفيذ وصيته، وأبدى رغبته فى أن يدفن فى حُلَّة بمائتى درهم. وتذكر روايات أخرى أنه توفى بالكوفة، وأن عثمان لم يصرفه هو وسعد بن أبى وقاص عن منصبيهما عام ٢٦ هـ.
واشتهر ابن مسعود بصفة خاصة بأنه محدث وحجة فى القرآن. وجمعت أحاديثه فى مسند أحمد (جـ ١، ص ٣١٤ - ٤٦٦). [فنسنك A.J.Wensink]