ابن عبد الحكم، وكتب الفضائل المصرية التي ظهرت بعد ذلك. ويتصل بأقدم ما عرف من المعلومات الجغرافية السياسية فقرة من "كتاب الزيج"، للفزارى الفلكى (النصف الثاني من القرن الثامن) بها وصف للعالم المعروف وقتذاك. وقد حفظ لنا المسعودى هذه الفقرة في كتابه مروج الذهب (جـ ٤، ص ٣٧ وما بعدها). وفيها صلة بين التاريخ المشوب بالجغرافيا الخالصة وهي صلة لم تنفصم أبدًا. فقد كان كثير من جغرافي العصور التالية مؤرخين في الوقت نفسه مثل اليعقوبى والبلخى والمسعودى، بينما اشتمل كثير من المصنفات التاريخية على فصول هامة في الجغرافيا. وفي "كتاب المعجب، لعبد الواحد المراكشى (طبعة دوزى، ص ٢٥٢) فقرة مفيدة تبين أنهم كانوا يدركون الفارق بين هذين النوعين من التأليف إدراكا واضحا، على أن هذا الاتصال بين التاريخ والجغرافيا ظل قائما بل ازداد قوة حتى في الوقت الذي قصر فيه الجغرافيون والمؤرخون همهم على أفكار خاصة كما هو الشأن في المؤلفات المصرية المعروفة بالخطط وفي الحوليات المتعددة التي كتبت عن جهة أو إقليم بعينه.
وثمة طائفة من مصادر المعارف الجغرافية هي الإشارات إلى ما يمكن أن نسميه بالجغرافيا الفلكية. ويستخلص من شواهد شتى أن هذه الآراء عرفت أول ما عرفت من المشرق، ولعلهم نقلوها من الرسائل الهندية التي كتبت في الفلك مثل "السدهانا" التي عرفت في بغداد أيام المنصور عن طريق مدرسة جنديسابور، ولا شك أن القول بالأقاليم السبعة قد عرف أصلا عن هذا السبيل (ولعل هذا القول قد تأثر بالتقسيم الإيرانى للأرض إلى سبعة "كشورات"). يؤيد ذلك أن أقدم الأوصاف التي تناولت الأقاليم السبعة بدأت بذكر البلدان التابعة لكل إقليم في الشرق (الفرغانى، طبعة كوليوس Golius ص ٣٢ وما بعدها؛ Klimata Die sieben: E.Honigmann هيدلبرغ سنة ١٩٢٩, ص ١٣٥ وما بعدها). وهناك إلى ذلك بقايا إحصاء لأطوال مدن من جهة المشرق (الهمدانى: جزيرة العرب، ص ٤٤