تسيطر عليه حقًّا سيطرة كاملة. ذلك أنها كانت منشغلة دائمًا في حروب بحرية مع أساطيل المسيحيين، وكان يستخدم في هذه الغارات أحيانًا عدد من السفن الحربية يبلغ المائة. ثم إن الملاحين العرب كانوا على دراية تامة بالبحر المتوسط، إلا أن الإبحار في المحيط الأطلسي كانوا لا يزالون يخشونه، وليس لدينا إلا شاهد واحد على قيام العرب بمغامرة فيه، وهي مغامرة ابن فاطمة سنة ٦٤٨ هـ (١٢٥٠ م) ونستبين من وصف رحلته التي بقيت في كتاب ابن سعيد أنه بلغ في توغله- على ما يظهر- الجبل الأبيض (تحقق أنه رأس برانكو Branco) بمحاذاة ساحل افريقيا الغربي. ومن العسير- بعامة- أن نقوم مبلغ فضل العرب في هذا البحر على الجغرافيا البحرية، ذلك أننا لا نعرف إلا القليل جدًّا عن أخبارهم. فلما قام السلطان العثمانى في آسية الصغرى أصبح الأسطول العثمانى في النهاية قويًّا جدًّا في البحر المتوسط (انظر القسم ٦ فيما يلي).
على أن ملاحى العرب في المحيط الغندى قد عززوا مكانتهم حتى جاء البرتغاليون، وكان شهاب الدين بن أحمد بن ماجد (لا نعلم تاريخ مولده ولا وفاته) هو الذي قاد سفينة فاسكودا كاما من مالندى على الساحل الشرقي لإفريقيا إلى قاليقوط في الهند سنة ١٤٩٨. وهذا الحادث يعد نقطة التحول في تاريخ الملاحة والتجارة العربيتين في المشرق، إذ كان لعلو شان البرتغاليين أثر سيئ في تجارة العرب، فقد تهاوى سلطانهم البحرى وتقوض صرح تجارتهم باطراد على يد البرتغاليين.
ويمكن أن يعد ابن ماجد -الذي قضى أكثر من خمسين سنة من حياته في البحار العليا- الملاحين العرب الأعظمين في جميع العصور. وقد كتب ابن ماجد ثلاثين رسالة بحرية، وكان من أبرز كتاب العرب في وصف المحيطات، والملاحة وغير ذلك. وقد رفعته مآثره إلى صف أكابر علماء هذا العصر. وأهم مأثرة له هي مصنفه "كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد".
أما سليمان بن أحمد المهَرئ وهو معاصر لابن ماجد أصغر منه، فقد كان