تونس تزودنا بالمثل الذي يكشف بأجلى بيان عن هذه الصورة من صور الملكية وخطرها، تلك الصورة التي تتعرض للفساد من كل ناحية، ويتكشف لنا ذلك من خلال التدخل الذي وقع بين الملكية الخاصة للضياع، والملكية الجماعية والمؤسسات الدينية أو الحبوس.
والمدلول الفقهى للجماعة -الذي ارتفع إلى مجلس شيوخ قبلى صغير ومجلس شيوخ حي- قد أثار في بلاد مراكش تطورًا كان يتخذ صورته في بداية الحماية وأدى إلى اكتسابه اختصاصًا لا يقتصر على الملكية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى وقت الظهير البربرى المشهور الصادر في ١٦ مايو سنة ١٩٣٠ الذي استنكرته فورًا المعارضة الوطنية يؤيدها الرأى العام الإسلامي في جميع أرجاء العالم، وعدته هجومًا على الشريعة. وكان من أول الاجراءات التي اتخذتها مراكش بعد ظفرها بالاستقلال هو من ثم إلغاء هذا الظهير، وقد كانت إقامة قضاة غير متخصصين سببًا عارضًا أسهم في التقدم نحو التجديد.
وصفوة القول أن هذه المخاطر في هذا التاريخ الطويل، أيا كانت قد ساعدت على توكيد هذه الصلة الوثيقة التي تقرن، في المغرب الريفى استعمال هذا المصطلح ببذل بعض صور الجهود التي قامت بها الجماعات وارتباطات هذه الجماعات بالأرض. وهذه الصور، التي تميزت حتى ذلك الوقت بخاصيتها التي قوامها الفوضى، قد أخذت في يومنا هذا تكيف نفسها بحاجات زراعة أكثف وإدارة لا مركزية. وهذا هو السبب، وخاصة في مراكش، الذي يجعلنا نجد الجماعة دائما هي الموضوع الجوهرى في برامج الإصلاح. ومن الممكن، بالتوفيقات الاجتماعية العجيبة، أن تعتمد بعض التطورات المعاصرة على الإمكانيات البلدية الواسعة التي تنطوى عليها، في المغرب، الجماعة، وهي كلمة قديمة وحقيقة لها ماض عريق.
المصادر:
قانون الملكية:(١) Du: P. Lescure double regime foncier de la Tunisie . سنة ١٩٠٠.