الكبير. ويمكننا أن نناقش هذه المسألة من بعد، فالموقف ليس واضحا، ولكن الحل، فيما يرجح، يلتمس في اتجاه الجمع السالم البسيط.
جمع التكسير للقلة
هناك تفرقة بين الجمع للعدد الكبير والجمع للعدد القليل (ويدخل في ذلك الأعداد من ٣ إلى ١٠) فيما قال به نحاة العرب بصفة عامة (انظر مثلًا: المفصَّل، فقرة ٢٣٥)، ولم يبتدع النحاة ذلك، ولكن إلى أي مدى حددوا ما كان استعماله مرنا، أو فرضوا تفرقة تنأى عن لغة الحديث التي لم تبق إلا في مأثور اللغة الرفيعة (الشعر)، هذا مالا نستطيع أن نقطع به. ولا شك أن دراسة استعمال الكتاب المختلفين سيأتي لنا بنتائج هامة، ونحن نعلم من قبل أن الشعراء لم يسيروا دائما على القواعد. ثم إن اللغة نفسها لم تزودنا دائما بالسبيل إلى ملاحظة هذه الجموع، مثال ذلك: قلم، فإننا لا نجد له إلا جمعًا واحدًا وهو أقلام (جمع العدد القليل)، وكذلك رسن وتجمع أرسان، وعلى العكس من ذلك فجد أن "رجل" تجمع على "رجا"، و"سبع" على "سباع" دون اللجوء إلى جمع العدد القليل (بحسب قول ابن يعيش، ص ٦١٢، س ١٤؛ فهو مثل سيبويه لا يميز أي جمع إلا سباع، انظر لسان العرب، ج ١٠، س ١٦). وما يعرف بجموع التكسير للرباعى عاجزة عن التعبير عن هذه التفرقة، مثال ذلك:"بُرْثُن" فهي تجمع على "براثن"(لجمع القلة وجمع الكثرة). ويستطيع المرء من هذا كله أن يتبين أن ثمة تغييرًا كبيرًا يطرأ في الاستعمال. ويبقى لنا أن نقول إن نحاة العرب قد قدموا للعدد القليل الأوزان: أفْعال، أفْعلُ، أفْعلَة (مع الاقتران كثيرًا بفعَال ثمُ فعال، ثم فعْلان للعدد الكبير)، وفعْلَة (وقلما تستعمل)، هذا بالإضافة إلى الجمع السالم الملاحظ فيما سلف. وهذا التقسيم الفرعى لجمع التكسير مشهور.
وبصرف النظر عن "فعْلة" التي ذكرناها أخيرًا، فإن الأوزان الأخرى (لجمع لقلة) لها خاصية دخول الهمزة في أولها. ويبدو لي أن هذه الهمزة ليست مقطوعة الصلة بمدلول قلة العدد،