للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تسميتها في التوارة باسم جن عيدن (١) سفر التكوين: إصحاح ٢، آية ١٥).

وقد عرف أن فكرة محمد - صلى الله عليه وسلم - عن الجنة مادية حسية (٢)؛ وقد صورت هذه الفكرة في سور كثيرة تتصل بالفترة الأولى من دعوته مثال ذلك: (سورة محمد؟ الآية ١٥) "مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وانهار من عسل مصفَّى، ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم. ."؛ وسورة الرحمن (الآيات ٤٦ - ٥٧) "ولمن خاف مقام ربه جنتان. فباى آلاء ربكما


= كأهل الشام، قال في اللسان: "وأهل الشام يقولون للبساتين والكروم الفراديس" فهذا أصل ذاك كما ترى. فلو كانت الكلمة معربة لنقلت بصيغة تقرب من صيغة الجمع. ثم إن النص على) أصلها وعروبتها حاضر بين. قال ابن دريد في الجمهرة ٣: ٣٣٣: "والفردسة السعة. صدر مفردس واسع. ومنه اشتقاق الفردوس". وفي اللسان: "والمفردس - أي بصيغة اسم المفعول- المعرش من الكروم، والمفردس: العريض الصدر. والفردسة: السعة، وفردسه: صرعه. والفردسه أيضًا: الصرع القبيح، عن كراع. ويقال أخذه ففردسه: إذا ضرب به الأرض" فالنصوص متضافرة على صحة أصل المادة في العربية، وعلى صحة معناها، وعلى اشتقاقها من أصل معروف. ويظهر لي أن بعض العلماء الأقدمين سمع الكلمة الرومية فظنها أصلا للعربية، على وهم أن العربية نقلت كثيرا من اللغات الأخرى وعلى حب الإكثار من الأغراب!
أحمد محمد شاكر
(١) لا قيمة لهذا في التدليل على أن كلمة "عدن" معربة أو منقولة عن التوراة، وهي كلمة عربية خالصة "عدن بالمكان يعدن عدنا وعدونا، أي أقام، قال في اللسان: "وجنات عدن: منه. أي جنات إقامة، لمكان الخلد". فهذا أصل الكلمة. والعبرية التي كانت بها التوراة حين أنزلت، إن لم تكن فرعا محرفا عن العربية، فما تكون إلا أختا لها مشتقة معها من أصل واحد ولقد قلنا في مقدمة المعرب: "والعرب أمة من أقدم الأمم، ولغتها من أقدم اللغات وجودا، كانت قبل إبراهيم وإسماعيل، وقبل الكلدانية والعبرية والسريانية وغيرها، بله الفارسية. وقد ذهب منها الشيء الكثير بذهاب مدنيتهم الأولى قبل التاريخ".
(٢) يكتب كاتب المادة طبعا على أساس عقيدته. في أنه لا يؤمن بنبوة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فينسب كل ما في القرآن إلى الرسول [صلى الله عليه وسلم]، ولكن المسلمين وغيرهم من أهل الإنصاف يثقون بأن هذا القرآن من عند الله، وأن الرسول [صلى الله عليه وسلم] يبلغ للناس ما أحى إليه. فليس له فيه إلا التبليغ فقط. وصفة الجنة والنار من الغيب الذي لا يعلم الإنسان حقيقته بقوة عقله وحدها. وليس له من سبيل إلى معرفتها إلا فيما جاء به الوحى عن الله على لسان رسله الصادقين، وخاتمهم محمد [صلى الله عليه وسلم]، فإن ظن كاتب المادة أن الفكرة في وصف الجنة في القرآن "مادية حسية" على كاتب المادة أن الفكرة في وصف الجن في القرآن "مادية حسية" على المعنى الذي يشعر به الناس في هذه الحياة الدنيا، وأه بذلك يجد مغمزا في القرآن، فما أرى ظنه صحيحا، ثم هو لا يضر الإسلام شيئًا.
أحمد محمد شاكر