السياسي لإسلام وأداء الجزية والخراج. وما دامت هذه المسألة يمكن في الواقع أن تظل قائمة، فإن الخلاف حولها يقوم (يحسم بعامة برد سلبى) حول مسألة هي: هل كان نصارى ويهود الجزيرة العربية خليقين بأن يعاملوا هذه المعاملة من حيث المبدأ؟ وهذا الحل الوسط بالنسبة للمشركين بصفة خاصة، لا ينطبق في رأى الأغلبية، فإن دخولهم في الإسلام فرض لأنهم معرضون للقتل أو الاسترقاق.
ومن حيث المبدأ فإن الجهاد هو الصورة الوحيدة للحرب التي يجيزها الإسلام، ذلك أن الإسلام، من حيث النظر، يجب أن يكون جماعة واحدة منظمة تحت سلطان واحد، وأى نزاع مسلح بين المسلمين محرم.
على أنه أعقب تفكك وحدة المسلمين ومظهرهم اللذين بدآ في منتصف القرن الثاني الهجرى (الثامن الميلادي) قيام عدد متزايد من الدول المستقلة، فقامت عندئذ مسألة هي: كيف تصنف الحروب التي نشبت بينها؟ ذلك أنها لم تدخل قط في نطاق فكرة الجهاد بمعناها الدقيق، حتى في حالة قيام حروب بين دول تدين بعقائد دينية مختلفة، وهذا على الأقل في رأى النظرية السنية العامة، وإنما يساء استعمال اللغة فيطلق على هذه الحروب أحيانًا مصطلح الجهاد، في حين أن الكتاب الذين يلتمسون مصطلحًا دقيقًا يسمونها القتال أو المقاتلة فحسب، بل إن ثمة ترددا في الإشارة إلى قتال الجماعات المرتدة في الإسلام بالجهاد. ورأى المبدأ الشيعى ليس هذا، ذلك أن الشيعة يرون أن رفض الانتماء إلى تعاليمهم يعادل "الكفر". ويصدق هذا بالأحرى على مذهب الخوارج.
والجهاد فرض، وقد تقرر هذا المبدأ في جميع المصادر. صحيح أنه توجد في القرآن نصوص مختلفة بل متشابهة، وقد صنفت هذه النصوص من حيث المبدأ إلى أربع فئات متعاقبة مع بعض خلافات في التفصيل: النصوص التي اقتضت العفو عن الآثام وتشجيع الدعوة إلى الإسلام بالإقناع السلمى؛ والنصوص التي أمرت بالقتال لرد العدوان؛ والنصوص التي قضت