جنوبي بلاد العرب. ونزلت جهينة في الجاهلية نجدا أول الأمر، ثم نزلت فيما جاور المدينة بين البحر الأحمر ووادي القرى (انظر المصور الجغرافي في كتاب Annali: Caetani ج ١١، ص ٣٦٧). واستقر بنو جهينة في هذه الناحية عندما أخذ سلطان النبي [صلى الله عليه وسلم] في الإتساع. ودخلوا في الإسلام طائعين واندمجوا في الجماعة الإسلامية. ولم يرتدوا مع المرتدين بعد وفاة النبي [صلى الله عليه وسلم]، ولكنهم ظلوا ينصرون الخليفة الجديد نصرًا مؤزرا. وظل حي من هذه القبيلة في منازلهم القديمة، ولا يزالون فيها إلى اليوم، بينما نزح معظم القبيلة بصفة خاصة إلى مصر أو قل إننا إنما نعرف في مصر على الأقل بعض أخبارهم. وكانت جهينة تسكن مصر عند الفتح العربي هي وبعض عشائر من قضاعة وثيقى الصلة بها. وانتشروا بعد ذلك تدريجًا من مصر السفلى حيث قرية دوار جهينة (Dietionnaire Geographique: Boinet Bey ص ١٠٤) التي لا يزال بها بدو من جهينة، إلى مصر العليا حيث كان لهم شأن كبير في عهد الفاطميين. واشتركوا في وقائع كثيرة، ثم استقروا في سلام حول إخميم هم وقبائل عربية أخرى. وورد ذكر أفراد من هذه القبيلة في عهود أقدم من ذلك (في القرن الثالث الهجرى) عند أسوان وإن كنا لا نعرف تفاصيل ذلك على التحقيق. وكانت جهينة من القبائل التي استقرت عند الحدود النوبية، وفلت على الأيام شوكة هذه الدولة النصرانية القديمة. ومهما يكن من شيء فإن جهينة كانت السبب في فتح النوبة وتعريبها وإدخالها في الإسلام، فقضت بذلك على أقوى معقل في مجرى النيل الأعلى، وكان هذا المعقل يقف في طريق غزوات العرب والإسلام (ابن خلدون، ج ٥، ص ٤٢٩). ومنذ ذلك الوقت ونحن لا نعرف شيئًا عن هذه القبيلة، وظل هذا حالنا قرونًا. أما اليوم فالثابت أن جميع قبائل البقَّارة أي القبائل شبه العربية في دارفور وواداى انحدرت جميعًا من جهينة. ونشتكال Nachtigal هو عمدتنا في هذه الحقيقة الهامة التي تؤدى بنا إلى فهم مسألة اختلاط الأجناس في السودان الشرقي، وتجعل